فيا أخي الكريم: إن مثل هذا الشخص مسكين؛ لأن الشيطان قد استخف به واستهواه، فارفق به، وألن له القول، وتلطف معه، فقد أمر ربنا موسى وهارون - عليهما السلام - أن يتلطفا مع فرعون الطاغية في القول؛ لعله يفيء إلى أمر الله، ويرجع عن غيه وكفره، قال - تعالى -: "اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا ليناً لعله يتذكر أو يخشى" [طه: 43-44] ، ولكن لا يعني ذلك أنك تعرض نفسك للإهانة والذل من قبل هؤلاء السفهاء أمثال صهرك، ففي بعض الأحيان يستلزم الأمر الشدة مع مثل هؤلاء الجهلة، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ذكرت كتب السير أنه -صلى الله عليه وسلم - كان يطوف بالكعبة، وكان الملأ من قريش جلوساً عند الكعبة، فما أن رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يطوف، إلا وأخذوا في غمزه ولمزه والسفه عليه بأسوأ العبارات، وأقبح الألفاظ، فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلا أن وقف عليهم وقال لهم بكل قوة وشجاعة وإقدام: "يا معشر قريش، لقد جئتكم بالذبح" فوقعت هذه الكلمات على صناديد الكفر والإلحاد والصد عن سبيل الله كوقع الصاعقة على عاد وثمود، فما كان من أهل الكفر إلا أن تلطفوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى يقول راوي الحديث: فقام إليه عتبة بن ربيعة وكان أشدهم قولاً عليه: قام يتلطفه ويستميحه ويلين له القول ويقول له: انصرف راشداً يا أبا القاسم، والله ما عهدناك جهولا" الشاهد أن الشدة مطلوبة في بعض الأحيان مع مثل هؤلاء الجهلة، وعلى ذلك فإن تصرفك مع هذا الرجل تصرف سليم وسديد بإذن الله - تعالى - ولكن يجب عليك تجاهه أيضاً الآتي:
(1) دعوته بالتي هي أحسن إذا سمحت الفرصة بذلك.
(2) إهداؤه بعض الهدايا والتي بدورها تذهب ما في النفوس من شحناء وضغينة.
(3) لا يمنع بأن تدعوه إلى بيتك لوليمة، وأشعره بأن هذه الوليمة من أجله.
(4) إهداؤه بعض الكتب الإسلامية والأشرطة الدعوية النافعة والتي تعالج هذا الموضوع الذي هو واقع فيه، وأيضاً الأشياء التي ترقق القلب وتقوي الإيمان، والتي تتحدث عن الموت وشدته والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، والصراط وحدته، والجنة ونعيمها، والنار وجحيمها.
(5) استمر في الدعاء له بظهر الغيب أن يهديه الله، وأبشر بالخير فهو - سبحانه - القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي ... " [البقرة: 186] .
(6) إذا أمكن أن تصحبه ذات مرة إلى بعض المحاضرات الدينية والتي تقام عندكم لعل الله أن يجعل ذلك سبباً في هدايته، هذا والله أعلم.
والله أسأل أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يهدي ضال المسلمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.