المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 23-4-1424هـ
السؤال
أريد التقرب من الله، وأن أصبح متدينة، لم أكن محجبة في سفري في الماضي حتى أصبت بمرض وشفاني الله بقدرته، بعدها تحجبت عن قناعة وراحة نفسية وشكرت رب العالمين، وأريد المزيد من الهداية، ولكن لديّ مجتمع لا يساعد (هو مجتمع مسلم يصلي ويصوم ويتصدق) ، ولكن من نواحي أخرى النميمة شائعة، تعطر المرأة بعطور فواحة، مصافحة الرجال، الغرور في كل عائلة على الأخرى (الكبر والتعالي) الخروج مع السائق من غير محرم، حفلات الزواج الضخمة المصحوبة بالطرب والموسيقى، فإما أن أجاريهم فيما يفعلون وإلا أقطع رحمي؟ أنا في حيرة من أمري، دلوني على الطريق الصواب قبل أن يأتي هادم اللذات.
الجواب
الأخت الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
أحمد الله تعالى أن مَنَّ عليك بالهداية والعودة إلى رحابه الكريم، إلى السعادة الحقيقية التي لا تشترى بمال، ولا تنال بجاه. إلى الراحة التامة التي يلهث للوصول إليها هذا العالم البائس المنهك بالضلالات.
ثم أود أن أنبه إلى أمر مهم جداً، أعتبرك أنت أحد النماذج الواقعية عليه، وهو أن ما يصيب المسلم من الابتلاء في حياته خير له، فمهما بلغت شدة المصيبة ووقعها في نفسه فلله فيها رحمات ربما لا يدركها المصاب ولكن سوف يجني عاقبتها حلوة نضرة في الدنيا والآخرة إذا صبر.
فها أنت قد ابتلاك الله بالمرض وعانيت ألمه وقاسيت شدته، ولكنه كان مفتاحاً لقلبك لتدخله أنوار الإيمان والهداية، فالحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وسراً وجهراً.
أختي الكريمة:
لا شك أن البيئة التي يعيش الإنسان فيها لها أثر كبير في تثبيته وتقوية إيمانه؛ ولكن هذا لا يعني أن يلغي قدراته الذاتية على المقاومة والإصرار والتمسك بمبادئه ومسلماته!!
حفظ لنا التاريخ نماذج مشرقة للثبات على الإيمان رغم العنت والمشقة وقلة المعين منها ما قصه الله علينا في كتابه العزيز في سورة التحريم (ضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذا قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين) آية 11.
امرأة فرعون هي آسية - رضي الله عنها- عاشت في كنف ملك مصر، ولك أن تتخيلي عيشة امرأة في بيت الملك كيف ستكون؟! لا شك أنها ستكون مليئة بالمتع تطلب فيحقق وتأمر فتطاع، لكنها استعلت على هذه المتع الدنيوية، وشخصت ببصرها إلى الملكوت الحقيقي إلى الجنة، بل واعتبرت هذه المعيشة التي تتمناها أغلب النساء شراً ودفعاً وبلاء تستعيذ بالله منه، وتطلب منه النجاة!! ولم يرهبها أيضاً بطش فرعون وتسلطه وجبروته وطغيانه، ولم تستجب لضغوط بيئتها ومجتمعها، بل وقفت وحدها في هذا الزخم الضال ورفعت رأسها إلى السماء قائلة (رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة) .