ولقد ساءني جداً موقف أمك المتسلّط هداها الله، وكذلك أخواتك. والذي زاد الطين بلاً هو الموقف السلبي والسيئ في نفس الوقت وهو موقف والدك المحترم - هدانا الله - وإياه للحق، وبكل صراحة أمك وأبوك واقعان في مخالفات شرعية كثيرة، منها التفريق بين الأولاد وتمييز البعض على الآخر، وهذا الأمر قد حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم- ونهى عنه، لأن هذه الأشياء تولِّد الحقد والضغينة والكره بين الإخوان، بدلاً من المحبة والمودة والرحمة فيما بينهم، ومن قرأ قصة سيدنا يوسف عليه السلام مع إخوته عليهم السلام علم ذلك، فالذي حملهم على ما فعلوا مع أخيهم هو تمييز أبيهم -وهو سيدنا يعقوب- ليوسف على إخوته عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام، فماذا كانت النتيجة؟ حقد وحسد وبغض وكره، أدى بهم أن يفعلوا بأخيهم ما أخبر به ربنا في كتابه العزيز في سورة يوسف، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم- لمن أعطى أحد أبنائه عطية أو هدية، ولم يعط باقي أولاده: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم" متفق عليه من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما- البخاري (2586) ، ومسلم (1623) .
فاحذري أختي المسلمة أن يحدث ذلك لأولادك حتى لا تتكرر هذه المأساة التي أنت تعانين مرارتها وتعيشين قسوتها مع أهلك.
وقبل أن أشرع في تناول حل المشكلة أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات أخاطب بها قلبك الطيب، فأرعني سمعك يا رعاك الله، واستمعي إليّ بأذن قلبك لا بأذن رأسك فمستعيناً بالله أقول:
اعلمي وفقني الله وإياك لكل خير وبر، وصرف عنا وعنك كل سوء وشر أن لوالديك فضلاً عظيماً عليك وبرهما واجب عليك، والإحسان بهما والعطف عليهما، والتودد إليهما مهما حدث منهما، فهذا الحق أوجبه الله عليك ورسوله - صلى الله عليه وسلم- كما جاء ذلك مستفيضاً في كتاب ربنا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم-، والسمع والطاعة لهما ما لم يكن ذلك معصية، أو يترتب عليه معصية أو إحداث خلل في حياتك مع زوجك، ففي هذه الحالة لا سمع ولا طاعة لهما في معصية الله، وهذا لا يعد من العقوق إن شاء الله تعالى.
أما بالنسبة لحل مشكلتك فأقول:
(1) عليك بالبر بهما والإحسان إليهما بقدر استطاعتك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
(2) ما أنت عليه من الزيارة الأسبوعية والإهداء لهما في المناسبات، إلى غير ذلك لا شيء فيه، بل هو عين الصواب بالنسبة لحالتك هذه، ولكن يمكن أن تكثري من الاتصال عليهما إن لم يترتب على ذلك مشاكل.
(3) عليك بطاعة زوجك وعدم إغضابه؛ لأن في ذلك عرضة لأن تتعرض لغضب الله وملائكته الكرام، كما جاء ذلك في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه فزوجك حقه عظيم عليك، فكما أن والديك باب لك إلى الجنة فكذلك زوجك هو الآخر باب لك إلى الجنة، وذلك بإرضائه، والقيام بحقوقه الشرعية التي أوجبها الله عليك ما لم يكن في ذلك أيضاً معصية لله ورسوله، وهنا لا سمع ولا طاعة في معصية الله؛ لأن الطاعة في المعروف كما ثبت الحديث بذلك.
(4) لا تهتمي بما يحدثه أخواتك من تكوين جبهة عليك عند والديك، وكذلك لا تهتمي بتوعُّد أمك في أولادك، وأن هذا عقوق وسيحدث لك من أبنائك مثل ما يحدث منك لأمك على حد زعمها، فهذا ليس بعقوق فلا تلتفتي لذلك.