ثانياً: أما انسحاب الشاب من حياتك بهذه الطريقة فإني أصارحك وأقول: ينبغي ألا تأسفي عليه، فإن الشاب المحب للمرأة، المقتنع بها يبذل المستحيل ليحصل عليها، وطبيعة الرجل تحول بينه وبين أن يظهر أمام المرأة بمظهر الإنسان الضعيف أو العاجز، فيقول لها: إنه فقير ومديون ولا يملك شيئاً، وإنما طبيعة الرجل أن يتظاهر أنه قادر ويملك وعنده وعنده، ونحو ذلك، وإذا تعذَّر بهذه الأعذار دل على أن رغبته أصلاً غير حقيقية، وأنه قد غير رأيه، فيبدو أن الله أنقذك من شاب ملول وعاجز، وبمجرد أن ارتبط معك هذه المدة تغيرت مشاعره، فالحمد لله - بنيتي- أن هذا الأمر لم يقع بعد إعلان الزواج، وبعد الدخول، وبعد الحمل، وإنما حصل في فترة مبكرة، بحيث إنك خرجت من هذه العلاقة بأقل خسائر ممكنة.

ثالثاً: عليك ألا تلومي نفسك، وتفترضي أنك أنت وقعت في خطأ، وأنه لم يصارحك بهذا الخطأ، وأنك ملومة ونحو ذلك، كلا يا بنيتي فهو المخطئ، فهو إنسان ملول تغيرت نفسيته معك بمجرد أنه ملكك واحتواك، والحمد لله أن هذا التغير وقع في فترة مبكرة، أما أنت فلا لوم عليك، أنت بذلت مشاعرك، وبذلت حبك وكل ما عندك، وواضح من رسالتك أنك لم تكوني بخيلة عليه، لا بمشاعرك ولا بعواطفك، ولكنك وجهت هذه المشاعر إلى من لا يستحقها، إلى إنسان متغير متقلب، فأهنئك من قلبي بأن الله -عز وجل- قد خلصك منه، وأنك لم ترتبطي به ارتباطاً كاملاً.

رابعاً: أرى أنه يفيدك أن تفضي إلى من يتفهم مشاعرك، كصديقة قريبة أو زميلة، ولا حرج عليكِ في ذلك، فإن هذا يريحك، ولا تكتمي هذه المشاعر وتتظاهري بضدها، وإنما ابحثي عن صديقة صدوقة تبثين لها مشاعرك، وتفضين إليها بها، وتنفسين عما في نفسك.

خامساً وختاماً: أحذرك من التفكير فيه والعودة إليه، فإن الله قد أنقذك منه، فهذا الشخص لا يناسبك ولا تناسبينه، وانظري إلى الأمام، ولا تنظري إلى الخلف، وفكري جدياً بأي خيار جديد، وادرسي أحوال كل خاطب يتقدم لك، فإن التفكير في المستقبل خير علاج لآلام الماضي، وأسأل الله -عز وجل- أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يعوضك خيراً مما فقدت، وأكثري من هذا الدعاء النبوي الكريم: اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، فإن الله -جل وعز- سيعوضك خيراً مما فقدت. والله يوفقك ويسددك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015