وعليه، فالشجار بين الزوجين -إذا كثر- فإنه يشعر بأن المشكلة في تركيبة شخصية الزوجين أو أحدهما، فإذا كان أحدهما سريع الانفعال، أو متقلب المزاج أو يتعرض لضغوط نفسية فرضتها طبيعة عمله أو علاقاته الاجتماعية، أو قلق يتعلق بالمال، فالأولوية لعلاج الطبيعة غير السوية وتعويدها السلوك الصحيح، فإن أي تحسن يطرأ على جانب من جوانب الشخصية ينعكس بصورة ما، على حاله وسلوكه بشكل عام، وهذا واحد من المجاهدات التي نرجو أن يثيب الله عليها، والذي يمكن قوله في حدود ما كشف السؤال عنه، أن على الزوجين أن يتعاونا على منع أسباب الخلاف أصلاً، وبخاصة إذا غلب على ظنهما أنه من الصعب أن يضبطا انفعالهما حينئذ، وذلك من خلال مراعاة جملة أمور، منها:

(1) أن تقدر الأمور بقدرها، فإن مما يؤتي المغاضب من قبله هو عدم تقديره للأمور ووضعها في نصابها، وكثيراً ما تضخم أمور استجابة لتكدر المزاج غالبا وزنها الحقيقي دون ذلك بكثير، فكلمة خرجت لم تضبط أو أريد بها المزاح، أو عمل لم يتم على الوجه المطلوب أو في الوقت المحدد، أو رأي لم يرق للآخر، كل ذلك إذا وافق نفسية مستاءة أو مزاجاً متعكراً يصبح قنبلة ضحيتها الزوجان على الأقل.

(2) أن يغلب المسلم على حاله الأريحية وانشراح الصدر، ويقلل من تجهم الوجه، ويكثر من التبسم، فإن التبسم زيادة على ما فيه من الأجر، أظهرت التجارب أنه سبب لإنتاج (هرمونات) تسهم في الاستقرار النفسي والإحساس بالسعادة.

(3) أن يعتني الزوجان بالثقافة الأسرية، ويطالعا ما يكتب في هذا الشأن، رغبة في توظيفه في حياتهما، وفي الساحة مجلات محافظة ذات عناية بهذه الموضوعات، فضلاً عن الكتب والأشرطة، وكم سيكون لطيفاً إذا أعان زوج زوجته على هذه الثقافة وأعانت زوجة زوجها على ذلك.

(4) الإفادة من أوقات الاستقرار والصفاء في تعميق العلاقة الزوجية، وكسر الرتابة التي قد توفر فرص الخلاف، وعادة الناس ليست واحدة في التعبير عن مشاعر المودة بين الزوجين، ولكن على كل زوج أن يتحسس ما يحبه زوجه مما أباحه الله، فيباشره ويحتسب الأجر في ذلك عند الله.

وإذا ما حدث الخلاف فليكن خلافاً ناجحاً! أعني أن يستوفي آداباً يرقى به الزوجان إلى مصاف العقلاء، ومن ذلك:

(1) يتعين على الزوجين أو أحدهما أن يمسكا عن تأجيج الخصام الذي اتقدت شرارته، فيبدأ بالاستعاذة بالله من الشيطان، فإن الغضب مطيته لتحقيق أسوأ مراميه وهو التفريق بين الزوجين، وعليهما أن ينصرفا إلى ما يهمهما فيتوقف عن الجدال، وبخاصة ذلك النوع الذي لا يعدو أن يكون ترامياً بالمسؤوليات وتراشقاً بالتهم.

(2) أن لا يجر الخلاف إلى استدعاء خلافات سابقة عفا عليها الزمن، فيزج بها في حلبة صراع اليوم، وكأن الموقف تصفية حسابات، بل يقدر كل خلاف بحسبه، والقصد من النقاش أو حتى (التلاوم) هو الوصول لحل، لا أن تقام الحجج والبينات على صحة دعوى ما.

(3) أن يحترز الزوجان أن يجري على ألسنتهما سبة لا تليق، أو ما من شأنه تحقير الآخر وتسفيهه، أو التهكم بشيء لا يد لهما فيه، كبلد أحدهما أو أسرته أو والديه، فإن هذا غالباً يحدث في النفس جرحاً عميقاً قد لا يمحى بسهولة، أو يدعو بدعوة تصادف إجابة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015