أما ما ذكرت في سؤالك الأول من خشية أن تكوني من الساخطين على القضاء والقدر، أقول لك: اعلمي أنه من طبيعة الإنسان أن يحصل له شيء من الضيق والحزن عندما لا يدرك مطلوبه، كما هي حالك في أمر الزواج، ولكن لا يعني ذلك أنه دليل على عدم الإيمان بالقضاء والقدر، اسمعي قول النبي –صلى الله عليه وسلم- عندما مات ابنه إبراهيم: "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون" رواه البخاري (1303) ومسلم (2315) . والنبي –صلى الله عليه وسلم- هو أكمل الأمة في الرضى بالقضاء والقدر، وعليه فإن الحزن الطبيعي ودمع العين لا يخل بالإيمان بالقضاء والقدر، ولكن الذي يخل به هو الجزع بمعنى شدة الحزن، والتلفظ بألفاظ لا تليق، أو تمزيق الثياب، أو ضرب الوجه ونحو ذلك، أما أنت فلم تذكري شيئاً من ذلك ولله الحمد.
أما سؤالك المتعلق بالدعاء، اعلمي أختي الفاضلة أن الله سبحانه وتعالى يقول: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" [غافر:60] . وقال سبحانه: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" [البقرة:186] . فالله سبحانه وتعالى أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فعلى الإنسان المؤمن إذا دعا الله سبحانه وتعالى خالصاً من قلبه، أن يستيقن أن الله سبحانه يستجيب دعاءه، فالله أرحم الراحمين، وهو أكرم الأكرمين.
ولكن لابد أن يعلم الداعي أن الاستجابة لا تعني حصول المطلوب فقط، بل لها صور ثلاث: فالله سبحانه وتعالى إما أن يعجلها له، وإما يدخرها له يوم القيامة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثلها. فالداعي ربما يعلم بالحالة الأولى فقط، ولا يعلم بالحالتين الأخريين.
وأما معنى ما لم يعجل فقد فسرها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بقوله: "يقول دعوت فلم يستجب لي". صحيح البخاري (6340) ، وصحيح مسلم (2735) .