بالرغم من أن الطلاق حسب ما ذكر أهل السير كان بسبب مشكلة وقعت بين أزواجه تسببت فيها حفصة -رضي الله عنها-، ولما كان الحسن بن علي -رضي الله عنهما- يتزوج ويطلق بين وقت وآخر تكلم علي -رضي الله عنه- وقال: "إن ابني هذا مطلاق فلا تزوجوه"، فالمقاصد الشرعية لا تقر مطلقاً العبث بالنكاح والطلاق، وما يفعله كثير من الرجال اليوم من الزواج بقصد الاستمتاع فذلك ليس من الإسلام في شيء، بل ألحقه بعض العلماء إذا كان ينوي الطلاق بعد زمن بنكاح المتعة المجمع على تحريمه، لأن الأصل أن يراد من النكاح دوام العشرة لتحقيق مصلحة تكثير سواد الأمة وإعفاف المرأة وإحصانها، أما نكاحها بقصد الاستمتاع فقط ثم تطليقها أو مضارتها للتنازل عن بعض حقوقها فهو عدول بالنكاح الشرعي عن المقصود منه، وأشبه ما يكون بأنكحة المشركين التي أبطلها الإسلام.
- وأخيراً آمل أن تنظري للحياة بنظرة متفائلة، فليست الدنيا نكاح وطلاق فحسب بل فيها العبادة والتعارف وبذل الخير للناس وغيرها من أسباب السعادة فإن حصلت لك حياة زوجية كريمة فالحمد لله، وإن لم تحصل فلا تضيقي وتحجري واسعاً، فانظري كم في المجتمع غيرك ممن حُرمت متعة النكاح تماماً أو الاقتران برجل صالح أو حرمت ذرية طيبة، ولقد نِلْت من ذلك والحمد لله سنوات وكان لك من الذرية ما نسأل الله عز وجل أن تقرَّ به عينك.. أما نظرة المجتمع فلا تبالي بها؛ لأنها لا تصدر إلا من ذوي الثقافة المحدودة أما أولو العلم وسعة الأفق فلا يقرون هذه النظرة سيما أنك أحسنت التبعل، وفقد زوجك الأول أمر خارج عن إرادتك، ثم أي عيب وغضاضة في وصفك بأنك أرملة وحتى مطلقة، ويكفيك أن الله تعالى امتن على نبيه -صلى الله عليه وسلم- في سورة التحريم إن أراد أن يبدله أزواجاً خيرا من زوجاته وَصَفَهُن بأنهن: "مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكاراً" [التحريم:5] فسوَّى بين النساء في هذين الوصفين وهو مقام امتنان.
- أما الدعاء عليه فيجوز بقدر ما ظلمك من بخس حقك في المبيت والقسم والاستمتاع لا أكثر، لكن بالدعاء عليه تفوتين على نفسك أجر الصبر، فقد قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "الدعاء قصاص، ومن دعا على من ظلمه فما صبر" فاحتسبي ذلك عند الله عز وجل ليثقل به موازين أعمالك رفع الله قدرك وجلا همك وخلف عليك خيراً.