المجيب محمد العبد الكريم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 13/09/1426هـ
السؤال
تقدم لأختي شخصان فرفضتهما لأنهما مدخنان، وأعتقد أن من يبتلى بالدخان لابد وأن يكون مبتلىً بمعاصٍ أخرى، وأن فيه تقصيراً في التدين. فما رأيكم بذلك؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي العزيز: إذا تقدم لكم من لا ترضون دينه وخلقه فلا تزوجوه، وهذا هو المفهوم المخالف لحديث أبي حاتم المزني -رضي الله عنه-، والذي فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد". قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه، قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه". ثلاث مرات؟ رواه الترمذي (1085) وقال: هذا حديث حسن غريب.
والمقصود من الحديث أن يكون التدين والخلق ظاهراً في خلق الإنسان مرضياً بمقاييس الشريعة وليس بمقاييس العادات والتقاليد. وليس في مقاييس الشريعة الكمال المطلق من جميع الوجوه؛ فإن النقص والتقصير صفة لازمة للإنسان لا ينفك عنها بحال. وعليه فإن التدخين أحد الأوصاف التي تُنقص من قدر المرء، ولكن إن كان هذا النقص يكمله صفات أخرى فما الذي يمنع من قبوله زوجاً، بشرط: أن يكون الغالب على أحواله حسن الخلق والتدين؛ مصداقاً لما جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أما إن كان يجمع إلى الدخان صفات أخرى تعيبه في خلقه أو دينه، ويظهر منها أنه إلى الفساد أقرب من الصلاح؛ فاستغنوا عنه، واسألوا الله تعالى له الهداية والتوفيق، واسألوه أن يرزقكم خيراً منه.
أما إطلاق قاعدة: بأن كل أو أكثر المدخنين سيِّئو الخلق ضعيفو الديانة فلا دليل واقعي يشهد لذلك، فالدخان كغيره من المعاصي، ولو رُفض كل عاصٍ يتقدم للزواج لما تزوج أحد، فكلنا خطاؤون، ولكن العبرة بما يغلب على المتقدم.
والجواب السابق يصلح في حال خشية فوات الوقت، أوانصراف الخُطاب عن المرأة، وسبب ذلك أن الدخان ضرره متعدٍ وليس قاصراً على المدخن فقط، فالزوجة أكثر المتضررين، ومن بعد ذلك الأولاد، فالأفضل أن يحصر القبول في حالات الفوات. فإن كان في الوقت متسع وهناك خيارات أخرى غير المدخنين وغلب على الظن تقدمهم فلا شك أن الانتظار أفضل؛ لأن الانتظار هنا لأجل طلب الكمال في الخلق والتدين وليس لشيء آخر! وحري بمن كان هذا قصده أن يوفق بمن يخاف الله -تعالى- فيمن ولاه الله عليهم. والله أعلم.