الحمد لله، من أصول الإيمان، الإيمان بالقدر خيره وشره، والإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بعلم الله السابق لكل شيء، وكتابته لمقادير الأشياء، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه على كل شيء قدير، وأنه خالق كل شيء، ومعنى هذا أن كل ما يجري في الوجود قد سبق به قدر الله علماً وكتابة، وتم بمشيئته سبحانه وتعالى، ومن ذلك موت النفوس، فلا تموت نفس إلا بأجلها المكتوب، كما قال - سبحانه وتعالى -:"وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً" [آل عمران: من الآية145] ، فالله سبحانه وتعالى قد قدر الأقدار وضرب الآجال فلا يتقدم أحد على أجله، ولا يتأخر عن أجله، كما قال سبحانه وتعالى: "إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ" [يونس: من الآية49] ، فكل من مات بأي سبب من الأسباب فقد مات بأجله، وليس هناك من يموت قبل أجله المحتوم، بأي سبب كان موته بقتل أو انتحار أو أي حادث من الحوادث، كما بين ذلك الله - سبحانه وتعالى - في كتابه، وبينه رسوله - صلى الله عليه وسلم - فالمقتول ميت بأجله لم يقطع عليه أجله، خلافاً للمعتزلة، فإن من قولهم: أن المقتول مقطوع عليه أجله، وهذا باطل مخالف لمقتضى الإيمان بالقدر، وقول القائل: قصف الأعمار أو الآجال يعني قطعها، وهذا يتضمن أن من قتل أو انتحر فقد قصم أجله؛ يعني قطع قبل أوانه، وهذا مخالف للإيمان بالقدر، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع أهل السنة والجماعة، فيجب الحذر من هذه الاعتقادات والتصورات الباطلة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015