أولاً: أن المواقيت التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم وأوجب الإحرام منها على أهلها، وعلى من مر عليها من غيرهم، ممن يريد الحج والعمرة هي: ذو الحليفة لأهل المدينة ومن مر عليها من غيرهم، وتسمى حاليًّا (أبيار علي) . والجحفة وهي لأهل الشام ومصر والمغرب، ومن مر عليها من غيرهم، وتسمى حاليًّا (رابغ) . وقرن المنازل، وهي لأهل نجد ومن مر عليها من غيرهم، وتسمى حاليًّا (وادي محرم) وتسمى أيضًا (السيل) . وذات عرق، لأهل العراق، وخراسان، ومن مر عليها من غيرهم، وتسمى (الضريبة) . ويلملم، لأهل اليمن ومن مر عليها من غيرهم. وقرر: أن الواجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا أقرب ميقات إليهم من هذه المواقيت الخمسة جوًّا أو بحرًا، فإن اشتبه عليهم ذلك ولم يجدوا معهم من يرشدهم إلى المحاذاة، وجب عليهم أن يحتاطوا وأن يحرموا قبل ذلك بوقت يعتقدون أو يغلب على ظنهم أنهم أحرموا قبل المحاذاة؛ لأن الإحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة ومنعقد، ومع التحري والاحتياط، خوفًا من تجاوز الميقات بغير إحرام تزول الكراهة؛ لأنه لا كراهة في أداء الواجب، وقد نص أهل العلم في جميع المذاهب الأربعة على ما ذكرنا، واحتجوا على ذلك بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في توقيت المواقيت للحجاج والعمار. واحتجوا أيضًا بما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لما قال له أهل العراق: إن قرنًا جَورٌ عن طريقنا؟ قال لهم- رضي الله عنه: انظروا حذوَها من طريقكم. قالوا: ولأن الله سبحانه أوجب على عباده أن يتقوه ما استطاعوا، وهذا هو المستطاع في حق من لم يمر على نفس الميقات، إذا عُلم هذا فليس للحجاج والعمار الوافدين من طريق الجو والبحر ولا غيرهم أن يؤخروا الإحرام إلى وصولهم إلى جدة، لأن جدة ليست من المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا من لم يحمل معه ملابس الإحرام، فإنه ليس له أن يؤخر إحرامه إلى جدة، بل الواجب عليه أن يحرم في السراويل إذا كان ليس معه إزار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "مَن لم يَجِدْ نَعْلَيْن فَلْيَلْبَسِ الخُفَّين، ومَن لم يجد إزارًا فليلبس السَّرَاوِيلَ". وعليه كشف رأسه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عما يلبس المحرم قال: "لا يلبَسُ القميصَ ولا العمائمَ ولا السَّرَاويلاتِ ولا البرانسَ ولا الخفافَ إلا لمن لم يَجِدِ النَّعلين". الحديث متفق عليه. فلا يجوز أن يكون على رأس المحرم عمامة ولا قلنسوة ولا غيرهما مما يلبس على الرأس. وإذا كان لديه عمامة ساترة يمكنه أن يجعلها إزارًا اتَّزَر بها، ولم يجز له لبس السراويل، فإذا وصل إلى جدة وجب عليه أن يخلع السراويل ويستبدلها بإزار إذا قدر على ذلك، فإن لم يكن عليه سراويل، وليس لديه عمامة تصلح أن تكون إزارًا حين محاذاته للميقات في الطائرة أو الباخرة أو السفينة، جاز له أن يحرم في قميصه الذي عليه مع كشف رأسه، فإذا وصل إلى جدة اشترى إزارًا وخلع القميص، وعليه عن لبسه القميص كفارة، وهي إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز أو غيرهما من قوت البلد، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة، هو مخير بين هذه الثلاثة، كما خير النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة لما أذن له في حلق رأسه وهو محرم للمرض الذي أصابه. ثانيًا: يكلف المجلس الأمانة العامة للرابطة بالكتابة إلى شركات الطيران والبواخر لتنبيه الركاب قبل القرب من الميقات، بأنهم سيمرون على الميقات قبل مسافة ممكنة.
ثالثًا: خالف عضو مجلس المجمع الفقهي الإسلامي معالي الشيخ مصطفى أحمد الزرقاء في ذلك، كما خالف فضيلة الشيخ أبو بكر محمود جومي عضو المجلس بالنسبة للقادمين من سواكن إلى جدة فقط. وعلى هذا جرى التوقيع. والله ولي التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.