مجلة البحوث/32

قرار هيئة كبار العلماء

رقم 33 وتاريخ 21/10/1399هـ

عدم اعتبار جدة ميقاتا

بشأن عدم اعتبار جدة ميقاتًا

هيئة كبار العلماء 25/2/1426

04/04/2005

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

ففي الدورة الرابعة عشرة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في الطائف من 10/10/1399هـ، حتى 21/10/1399هـ، نظر المجلس في الرسالة التي بعثها الشيخ/ عبد الله بن زيد آل محمود رئيس المحاكم الشرعية والشئون الدينية بقطر إلى جلالة الملك خالد بن عبد العزيز المتضمنة جواز جعل جدة ميقاتاً لركاب الطائرات الجوية والسفن البحرية، والتي أحيلت إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد من معالي رئيس المكتب الخاص لجلالة الملك خالد برقم 5214/1 في 12/5/1399هـ وقد استعرض المجلس تلك الفتوى فوجد أنها تستند على:

1- أن الفتوى تتغير بتغير الأحوال والأزمان.

2- أن القضية موضع اجتهاد وتتطلب من العلماء تحقيق النظر في تعيين الميقات لهؤلاء القادمين على متون الطائرات.

3- إن مرور الطائرات فوق سماء الميقات وهي محلقة في السماء لا يصدق على أهلها أنهم أتوا الميقات المحدد لهم لغة ولا عرفاً.

4- ما يزعمه من أن فتواه تشبه ما فعله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين وقّت لأهل العراق ذات عرق.

5- قوله: "لو كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيّاً ويرى كثرة النازلين من أجواء السماء إلى ساحة جدة يؤمون هذا البيت للحج والعمرة لبادر إلى تعيين ميقات لهم من جدة نفسها لكونها من مقتضى أصوله ونصوصه" ا. هـ.

وإن المجلس بعد دراسة هذه الأمور الخمسة وغيرها مما ورد في الرسالة يرى أن المسوغات التي استند إليها مردودة بالنصوص الشرعية وإجماع سلف الأمة، فقد روى البخاري وغيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: وقّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة، ولا يصح الاستناد في هذه المسألة إلى تغير الفتوى بتغير الأحوال والأزمان؛ لأنها من العبادات، وهي مبنية على التوقيف، كما أنها ليست من مواضع الاجتهاد لتحديدها بالنص من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن المعلوم عند أهل العلم أن الهواء تابع للقرار، كما هو مبسوط في موضعه وإنكار ذلك منه غير مسلم. أما احتجاجه بجعل عمر -رضي الله عنه- لم يجعل لأهل العراق ميقاتاً في الجهة الغربية أو غيرها من مكة يحرمون منه بدلاً من ميقاتهم الذي يمرون به في الجهة الشرقية منها، بل قال عمر -رضي الله عنه-: انظروا حذوها من طريقكم. وأما قوله: ولو كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حياً - إلى قوله- لبادر إلى تعيين ميقات لهم من جدة نفسها لكونها من مقتضى أصوله ونصوصه، فهو قول باطل؛ لأن الله أكمل الدين في حياة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وانتهى التشريع بوفاته، كما قال تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" [المائدة: 3] ، وقوله تعالى: "وما كان ربك نسيا" [مريم: 64] ، وأنه ليترتب على هذا القول أمور كثيرة خطيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015