أما ما سألت عنه حول وجود فرع في علوم الشريعة يهتم بتدريس هذا المجال وفق الضوابط الشرعية، فالجواب: نعم، وذلك من خلال معرفة الأحكام الشرعية للأمور التي يُحَامَى عنها، وما هو حلالٌ منها وما هو حرامٌ، ومن خلال معرفة الأصول والقواعد العامة التي تراعيها الشريعة وتأمر بها، وكذلك فإن المحامي يستفيد مما كتبه العلماء فيما يتعلق بدلالات الألفاظ والتراكيب؛ ليعرف ما تدل عليه الألفاظ الدائرة بين الناس، وكذلك ما كتبه العلماء فيما يتعلق بالتعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية ومدلولاتها، ونحو ذلك، وكل ما سبق ذكره يجده الإنسان في المؤلفات التي كتبها العلماء في مجالات: الفقه، وأصول الفقه، والقواعد الفقهية. وكذلك من الكتب المهمة في هذا الجانب ما كتبه العلماء في الطرق الشرعية للقضاء، ومن ذلك: كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم (ت:751) ، وكتاب: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لابن فرحون المالكي (ت:799هـ) ، وكتاب: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام للطرابلسي الحنفي (ت:844هـ) ، وغيرهم. أما إذا كان الإنسان يعيش في بلد يُتحاكم فيه إلى القوانين الوضعية، فإنه يجب عليه ألاّ يدخل في أي قضيةٍ إلا بشرط أن يعرف أن الحكم الذي يطالب به لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك لأنه لا تعارض بين جميع القوانين الوضعية وأحكام الشريعة الإسلامية، فما كان منها موافقاً جاز للمحامي المطالبة به، وما كان منها مخالفاً حرم عليه المطالبة به؛ عملاً بما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب التحاكم إلى ما شرعه الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين