المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 28/05/1427هـ
السؤال
قرأت في حديث أن الخضر عليه السلام قد توفي. وروى مسلم عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، صلى بهم العشاء في ليلة قبيل وفاته، ثم وقف، وقال: "هل ترون ليلتكم هذه؟ لا يأتي على الناس مائة سنة، وعلى الأرض عين تطرف ممن هو حيّ اليوم، والله إن رجاء هذه الأمة بعد مائة عام".
قال ابن عمر: لم يفهم الناس هذه الكلمات، وقالوا: إن معناها يوم القيامة سيأتي بعد مائة عام. لكن معنى الكلام: أن لا أحد من الجيل الحالي إلا وسيفنى.
فإذا صح هذا الحديث، فكيف ينطبق هذا الكلام على الدجال؟ ألم يكن حيًّا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالحديث الذي ذكرته جاء في صحيح مسلم -كتاب الفضائل- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم" حديث (2537) عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم، قام، فقال: "أرايتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد". قال ابن عمر فوهل الناس في مقالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مئة سنة، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد" يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن. هذا نص الحديث. ومعنى وَهَلَ الناس. أي غلطوا. والمراد ذهب وهمهم إلى غير الصواب.
وما ذكرته عن موت الخضر هو الصحيح وهو الذي عليه الجمهور. وأما ما أشكل عليك من كون الدجال كان حيًّا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن هذا قد أشكل على غيرك أيضاً، حتى أشكل على الصحابة -رضوان الله عليهم- وذلك مبسوط في موضعه، من قصة ابن صياد حيث اختلف في أمره اختلافاً شديداً، هل هو الدجال أم أنه دجالٌ آخر من الدجاجلة، قال ابن تيمية -رحمه الله-: (إن أمر ابن صياد قد أشكل على بعض الصحابة فظنوه الدجال، وتوقف فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجال، إنما هو من جنس الكهان من أصحاب الأحوال الشيطانية، ولذلك ذهب ليختبره) ، انظر الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص77) .
وقال النووي في شرح مسلم (18/46) : (قال العلماء: وقصته مشكلة، وأمره مشتبه في أنه هل هو المسيح الدجال المشهور أم غيره، ولا شك في أنه دجال من الدجاجلة) .
والذي يظهر في هذا أن ابن صياد دجال من الدجاجلة، وليس هو الدجال المقصود الذي يظهر في آخر الزمان والله أعلم.
وانظر بسط القول في ذلك في شرح مسلم للنووي (18/46-58) والنهاية في الفتن والملاحم (1/108،107) ، وجامع الأصول لابن الأثير (10/375،362) والتذكرة للقرطبي، وغيرها من الكتب التي ذكرت فيها أشراط الساعة، وقصة ابن صياد. والله الموفق.