المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 25/03/1427هـ
السؤال
أودّ أن أعرف: هل يجوز أخذ أموال الكفّار، بما أنّه ليس بيننا وبينهم ميثاق؟ وحتّى لو كان هناك ميثاق، فإنّ هؤلاء قد نقضوه مرارا إذ إنّهم يهاجمون الإسلام والمسلمين بوسائط شتّى (مثل ما فعلوه في الدانمرك وغيرها) .
وما الكفّارة التي تلزم مسلمًا قَتَل كافرًا؟ وهل كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يفرّق بين الرجال البالغين وغيرهم من الأعداء المقاتلين أم لا؟ وهل كان يَعتبر كلّ رجل بالغ مقاتلاً دون تفريق بين مدنّيين وعسكريّين؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فكل كافر بينه وبين المسلمين عهد أو ذمة أو أمان، سواء كان صريحاً أو غير صريح فإنه معصوم الدم والمال، ولا يجوز الاعتداء عليه، ومن اعتدى عليه فقد باء بإثم عظيم، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة". صحيح البخاري (3166) .
أمّا نقض العهد فهو مختص بمن نقضه، فلو تعاهد جماعة مع المسلمين ثم نقضت طائفة من الكفار العهد فهذا النقض مختص بهم ما داموا لم يتحيزوا للمعاهدين، ومن أقام في بلد كفار وقد دخلها بتأشيرة أو أمنه الناس لكونه مواطناً فيهم فإنه لا يجوز له نقض عهده معهم.
ولو أراد نقض العهد وقتالهم فإن عليه أوّلاً أن يبلغهم بانتهاء المعاهدة، وعزمه على قتالهم. أما الكفارة التي تلزم مَنْ قَتَلَ كافراً معاهداً أو ذميًّا أو مستأمناً فهي عتق عبد مؤمن، فإن لم يوجد فيصوم شهرين متتابعين؛ لقوله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُم وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" [النساء:92] .
ويلزمه أيضاً إعطاء أهل المقتول الدية، (وهي غرامة مقابل تفويت نفس المقتول) .
أما الكافر المقاتل الذي ليس معاهداً ولا ذميًّا ولا مستأمنًا فإنّ قتله لا كفارة فيه؛ لأنه ليس محرّم القتل؛ لوجود الحرب بينه وبين المسلمين، والمحارب يباح قتله.
أما من لا يباشر القتال من المدنيين كالفلاحين والتّجار والأطفال والنساء ونحوهم فقتلهم محرم في وقت الحرب ووقت السلم. لكن لا كفارة فيه، بل التوبة والاستغفار.
وفيما سبق يتضح أن الإسلام يفرق بين المقاتل وبين من لا شأن له بالقتال، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتل النساء والصبيان. صحيح البخاري (3015) ، وصحيح مسلم (1744) .
وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب" سنن البيهقي (9/91) ، وقال الإمام أحمد -رحمه الله-: (من أطبق بابه على نفسه ولم يقاتل لم يُقْتل) . والله الموفق.