المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 05/02/1427هـ
السؤال
لماذا يختلف الإسلام عن اليهودية وعن النصرانية، والله -سبحانه وتعالى- يقول: "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشتركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب"؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فيعتقد المسلمون أن دين الله واحد، وأن ما جاء به أنبياء الله من لدن آدم إلى محمد، -صلوات الله وسلامه عليهم- واحد، وهو الإسلام بمعناه العام، الذي هو توحيد الله بالعبادة، والخلوص له من الشرك. قال تعالى: "شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ" [لشورى: من الآية13] فكانت دعوتهم واحدة: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ" [الأنبياء:25] . وإنما وقع التنوع في الشرائع، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "الأنبياء إخوة لعَلات أمهاتهم شتى، ودينهم واحد" متفق عليه. [صحيح البخاري (3443) ، وصحيح مسلم (2365) ] فما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- من العقائد الصحيحة، والشرائع العادلة، والأخلاق القويمة، هو الإسلام بالمعنى الخاص، الذي نسخ الله به جميع الأديان، فلا يقبل ديناً سواه، كما قال تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [آل عمران:85] ، وكما قال -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي، ولا نصراني، ثم يموت، ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار" رواه مسلم (153) .
ويعتقد المسلمون أيضاً أن ما سوى الإسلام من الأديان إما فاسدٌ من أصله؛ كالديانات الوثنية، أو صحيح الأصل، ولكن طرأ عليه التحريف والتبديل؛ كاليهودية والنصرانية، وما صح منهما فهو منسوخ بالإسلام.
وقضية تحريف العهدين القديم والحديث واختلاف نسخهما باتت محل تسليم من الباحثين اللاهوتيين، وليست مجرد دعوى يطلقها المسلمون، بناءً على الأدلة القطعية في الكتاب والسنة، ومن ثم فإن العقيدة الإسلامية تمثل حقيقة دينية كاملة، لا يتطرق إليها الخطأ في حد ذاتها؛ لكونها مصونة محفوظة. وليس معنى ذلك أن ليس مع أهل الكتاب صواب مطلقاً، بل ثَمَّ صواب مشوب بخطأ وتحريف يكون منظومة باطلة، لا يصح الاعتماد عليها.