استلف نقداً ليرد مكانه زيتاً!

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ 28/05/1427هـ

السؤال

هل يجوز للمسلم الاستدانة من آخر مالاً -200ريال مثلاً- على أن يكون السداد 100 ليتر زيت مثلاً في موسمه؟ مع العلم بأن سعره متفاوت بشدة. وقد يصل الضعف، وبالتالي يصبح السداد بقيمه 400ريال وهو على سبيل المثال.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فمن صور البيع "السَّلَم" وهو عقد على موصوف في الذمة، مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد. وهو نوع من أنواع البيوع. ويشترط لصحته ما يشترط لصحة البيع، إلا أنه يجوز في المعدوم، ودليل ذلك قوله تعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ" [البقرة:282] . قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله عز وجل قد أحله وأذن فيه". وتلا هذه الآية: رواه ابن جرير (3/116) والحاكم (2/314) وصححه.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث فقال: "من أسلف في شيء، ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم" رواه البخاري (2125) ومسلم (1604) .

وذكر الفقهاء شروطاً سبعة لصحة السَّلَم:

الأول: أن يكون مما يمكن ضبط صفاته كيلاً أو وزناً أو ذرعاً.

الثاني: ذكر الجنس والنوع، وكل وصف يختلف به الثمن ظاهراً وحداثته وقدمه.

الثالث: ذكر قدره بكيل أو وزن أو ذرع.

الرابع: أن يُذكر أجلٌ معلومٌ له وقع في الثمن.

الخامس: أن يوجد المسلم فيه غالباً في محل ومكان الوفاء.

السادس: أن يقبض الثمن تامًّا قبل التفرق.

السابع: أن يسلم في الذمة؛ فلا يصح في عين محددة؛ لأنها ربما تلفت قبل أوان تسليمها.

فمتى ما توافرت تلك الشروط، صح السلم.

لذا ففي سؤال الأخ الكريم ليصح السلم لابد أن يقبض المائتي ريال قبل التفرق. فإن تفرقا قبل القبض، لم يصح السلم. ولابد أن يكون الزيت المذكور محدداً نوعه وجنسه وقدره؛ كزيت زيتون، أو زيت ذرة وهكذا. وأن يحدد وقت تسليم الزيت وأن يكون مما يوجد فيه غالباً.

أما ما ذكره الأخ من تفاوت السعر فهذا لا يضر. وأشير إلى أنه إن تعذر تسليم المسلم فيه كالزيت هنا لعدم وجوده خيّر صاحب المال بين الصبر، وبين فسخ العقد في الكل، أو البعض المتعذر. ويرجع برأس ماله فقط. ولا يرجع بقيمة الزيت وقت حلول السلم للتفاوت في قيمته زيادة وهو الغالب؛ حتى لا يقع في الربا المحرم. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015