المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 01/01/1427هـ
السؤال
يقول الله في كتابه العزيز: " ... يا موسى إنه أنا الله" لماذا قال: "إنه", ولم يقل:"إني"؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد جاء ذكر فضيلة موسى -عليه الصلاة والسلام- عند مناجاة الله تعالى له وتكليمه إياه ومناداته له في القرآن الكريم في مواضع متفرقة، فقال تعالى في سورة النمل -وفيها الآية المسؤول عنها-: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْءَانَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ إِذْ قَالَ مُوسَى لأهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن في النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النمل: 6-9] . وقال تعالى أيضا في سورة طه: {فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصلاة لذكري} [طه: 11-14] ، والشاهد هنا قوله: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَاْ} وقد استدل بهذا أهل السنة والجماعة على أن القرآن كلام الله غير مخلوق.
وقال سفيان الثوري رحمه الله: "من زعم أن قول الله: {يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم} مخلوق فهو كافر زنديق حلال الدم".
قلت: لأنه لو كان هذا الكلام مخلوقا -معاذ الله - للزم منه ثبوت الألوهية للمخلوق {إنه أنا الله} ؛ لأنه أضاف الكلام إليه.
قال الشنقيطي في أضواء البيان (3/431) : "والنداء المذكور في جميع الآيات المذكورة نداء الله له، فهو كلام الله أسمعه نبيه موسى، ولا يعقل أنه كلام مخلوق ولا كلام خلقه الله في مخلوق كما يزعم ذلك بعض الجهلة الملاحدة، إذ لا يمكن أن يقول غير الله: {إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، ولا أن يقول: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَاهَ إِلا أَنَاْ فَاعْبُدْنِي} . ولو فرض أن الكلام المذكور قاله مخلوق افتراء على الله -كقول فرعون: {أَنَاْ رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} على سبيل فرض المحال- فلا يمكن أن يذكره الله في معرض أنه حق وصواب، فقوله: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَاهَ إِلا أَنَاْ فَاعْبُدْنِى} ، وقوله: {إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} صريح في أن الله هو المتكلم بذلك صراحة لا تحتمل غير ذلك، كما هو معلوم عند من له أدنى معرفة بدين الإسلام".ا. هـ
فالذي ينبغي في فهم ضمير: {إنه} أن نأخذ بنظيرها في بابها، وهو ما ذكره الله في سورة طه بلفظ {إنني} .هذا أولا.
ثانيا: أن المفسرين اختلفوا في الهاء من إنه، وذكروا أنها تحتمل ثلاثة معانٍ تتبين في قول القرطبي الآتي بعد قليل: