وبهذا نعلم أن اتفاق المسمّيين اتفاقاً كلياً عاماً [=المفهوم اللغوي] في بعض الأسماء والصفات ليس هو التشبيه والتمثيل الذي نفته الأدلة السمعية والعقلية، وإنما نفت تلك الأدلة ما يستلزم اشتراكهما فيما يختص به الخالق، مما يختص بوجوبه أو جوازه أو امتناعه فلا يجوز أن يشركه فيه مخلوق، ولا يشركه مخلوق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى، وتشابه الشيئين من بعض الوجوه لا يقتضي تماثلهما في جميع الأشياء.
ومع أن لفظ التشبيه لم يرد ذكره نفياً ولا إثباتاً في الكتاب والسنة إلا أنه يتسامح أحياناً في استخدامه بمعنى التمثيل، فقد جاء عن بعض السلف استخدامه.
فعلى سبيل المثال ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما- في قوله تعالى: "فلا تجعلوا لله أنداداً" أي: أشباهاً [تفسير ابن جرير1/198-199] .
وقال أبو حنيفة (ت 150هـ) : (أتانا من المشرق رأيان خبيثان جهم معطل، ومقاتل مشبه) .
وسئل الإمام أحمد (ت 241هـ) عن المشبهة فقال: (المشبهة تقول: بصر كبصري، ويد كيدي، وقدم كقدمي، ومن قال ذلك فقد شبه الله بخلقه) (إبطال التأويلات لأبي يعلى 1 / 43] .
قال نعيم بن حماد شيخ البخاري (ت 228هـ) : ((من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، فليس ما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه)) . [شرح أصول أهل السنة 2/532] .
وقال إسحاق بن راهويه: (من وصف الله فشبه صفاته بصفات أحد من خلق الله فهو كافر بالله العظيم) . [شرح أصول أهل السنة 2/532]
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.