وتتخلف في حق الكافر، فإن الله أراد الإسلام لأبي لهب ديناً وشرعاً، ولم يرده كوناً وقدراً.

من أمثلة الإرادة الكونية: قوله - تعالى- "فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ... " [الأنعام: من الآية125] ، وقال - تعالى -: "....إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ" [المائدة: من الآية1] ، وقال - تعالى- " ... إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" [هود: من الآية34] ، والإرادة الكونية مرادفة للمشيئة قال - تعالى - "لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ*وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" [التكوير:28-29] .

أما الإرادة..... الشرعية فمن أمثلتها قوله - تعالى - " ... يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ... " [البقرة: من الآية185] ، " ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" [الأحزاب: من الآية33] ، " ... تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ... " [لأنفال: من الآية67] .

وأما أهل البدع فإنهم لم يقسموا الإرادة إلى قسمين فضلوا وأضلوا فالجبرية لم يثبتوا إلا الإرادة الكونية، والمعتزلة أثبتوا الإرادة الدينية الشرعية، ولم يثبتوا الإرادة الكونية فضلوا، وهدى الله أهل السنة والجماعة؛ فأثبتوا الإرادتين عملاً بالنصوص، فكان مذهب أهل السنة والجماعة هو الحق ووسط بين مذهبين باطلين الجبرية الذين لا يثبتون إلا الإرادة الكونية، والمعتزلة الذين لا يثبتون إلا الإرادة الدينية الشرعية. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015