المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/الطب والصحة
التاريخ 7/2/1425هـ
السؤال
لي قريب مصاب بزيادة الشحنات الكهربائية بالدماغ, مما أدى إلى إصابته بإغماء يشبه إلى حد ما حالات الصرع، ولكنه - كما يقول الطبيب - ليس صرعاً، وكان عمره آنذاك 12سنة تقريباً، وذهب به أهله إلى طبيب شعبي لعلاجه فوضع له أساور من حديد لوقف النوبات، وفعلاً توقفت ولم تعد إليه, استمرت الأساور في يده إلى 16 سنة من عمره، ثم أخرجها بسبب خجله من سؤال الطلاب في المدرسة عنها، ولم تعاوده النوبات حتى بعد إخراجها.
والآن وهو في 25 سنة من عمره عادت له النوبات، فأراد أهله إعادة الأساور إليه مرة ثانية بحجة أنها تمنع النوبات، لكني شككت في هذا الموضوع وخفت منه, لأني تذكرت (حديث الخيط الذي كان يضعه الرجل في يديه من الوهانة فقيل له أنزعه فإنه لا يزيدك إلا وهنا) ، مع العلم أن الطبيب الآن قيل له عن هذه الأساور، وقال ضعوها له؛ لأنها تخفف الشحنات الكهربائية عن الدماغ.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن ما وقع عليه السؤال مشهور التداوي به في كثير من المجتمعات التي يتعاطى أهلها الطب الشعبي، حيث يضع من يصاب بنوبات صرع قطعة من حديد في يده، أو في مكان آخر حتى يفيق من غيبوبته، ويوصف لبعض المرضى كعلاج وقائي، وكثير من الناس لا يعرفون تفسير ما يحدث فيظنونه شعوذة ويتحاشون التداوي به.
وقد سألت عنه بعض الأطباء منذ زمن فأجابوا بأن هذا العمل نافع - بإذن الله - مع بعض أنواع الصرع، وأن الطب الحديث يستخدم هذا العلاج بطرق كثيرة منها: زرع بعض القطع المعدنية في الأسنان، أو في مواضع معينة من بدن الإنسان؛ لامتصاص الشحنات الكهربائية التي تسبب للإنسان فقداناً للوعي.
فإذا كان المريض منتفعاً بهذا العمل بعد سؤال أهل الاختصاص الموثوق بهم فلا حرج إن شاء الله في اتخاذ قطعة من حديد أو معدن آخر توضع في مكان من جسده حسب ما يقوله العارف الثقة. ويحسن أن يكون في مكان غير بارز حتى لا يساء فيه الظن، أما حديث عمران بن الحصين - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى في عضد رجل حلقة فقال: "ما هذه الحلقة"؟ قال: "هذه من الواهنة"، فقال - صلى الله عليه وسلم-: "أما إنها لا تزيدك إلا وهناً انبذها عنك فإنك إن مت وهي عليك وكلت إليها، والحديث رواه أحمد (19498) وابن ماجة (3531) وله ألفاظ مختلفة.
فقد اختلف العلماء في رفعه ووقفه وصحته وضعفه، وعلى التسليم بصحته ورفعه فقد اختلفوا في معنى الواهنة واتفقوا على علة النهي، ومن العلماء من يرى أن الواهنة من الوهن وهو الضعف فيتخذ الإنسان هذه الحلقة أو الخرزة لتقيه من ذلك ومنهم من يرى أن الواهنة عند العرب قديماً عرق يأخذ في المنكب أو العضد أو اليد وهي تصيب الرجال دون النساء فيعلقون عليها جنساً من الخرز يقال له خرز الواهنة تعصمهم من الألم.
واتفق العلماء على أن علة النهي هي أنها عند العرب تتخذ بمثابة التمائم التي ورد النهي عن تعليقها، انظر في ذلك: غريب الحديث للخطابي (2/445) ، وغريب الحديث للحربي (2/1056) ، وغريب الحديث لابن الجوزي (2/486) .