الطب النبوي لابن القيم

المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي

كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/الطب والصحة

التاريخ 15/2/1425هـ

السؤال

ماذا تقولون في قراءة كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزية؟ لأنني سمعت أن معالجة الأمراض بالتمائم غير جائزة، لكن الكتاب المذكور يجيزها، إلى أي حد أصدق كتاب الطب النبوي؟.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن كتاب الطب النبوي لابن القيم من الكتب المفيدة في بابه، وقد جمع فيه أشياء وفوائد يندر وجودها في غيره. وابن القيم توسع في كتابه المذكور في تعداد الأدوية النبوية، ولم يلتزم في ذلك بما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنما توسع في هذا الباب على اعتبار أنه ليس من الأحكام الشرعية، وليس كل ما فيه من العلاجات يسوغ الأخذ به، بل يؤخذ منه ويترك، ويسأل أهل الاختصاص عن ذلك. أما ما ذكره مما له علاقة بالرقية الشرعية فلا حرج في الأخذ به - إن شاء الله تعالى -؛ لأنها إن لم تنفع صاحبها لأمر قدره الله - تعالى - فلن تضره.

وقد اطلعت على الإشكال موضع السؤال فيما يتعلق بإباحة ابن القيم تعليق التمائم، والكلام ليس على إطلاقه؛ فكلامه - رحمه الله تعالى - ينصب على كتابة شيء من القرآن للتداوي به أو تعليقه، وهذه مسألة اختلف فيها العلماء - رحمهم الله تعالى -، ولم يعتن - رحمه الله - ببيان الحكم الشرعي هنا، وقد بسطه في غير ما موضع من كتبه، لعل أجمعها ما ذكره في زاد المعاد. ولم يتحدث - رحمه الله - عن التمائم الشركية في الكتاب المشار إليه، وإنما ذكر رأي بعض السلف في التداوي بالقرآن كتابة وتعليقاً. والتمائم وهو ما يسمى عند البعض بالحجاب أو الحرز أو الجامعة، وهو شيء يعلق بالعنق أو يربط بأي عضو من أعضاء الشخص؛ فإن كان من غير القرآن فهو محرم، بل شرك؛ لما رواه الإمام أحمد في مسنده (19498) ، وابن ماجة (3531) عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال: "ما هذا؟ " قال: هذه من الواهنة، فقال: "انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا. وما رواه أحمد (16951) عن عقبة بن عامر عنه صلى الله عليه وسلم قال: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له" وفي رواية لأحمد (16969) "من تعلق تميمة فقد أشرك" وما رواه أحمد (3604) وأبو داود (3883) عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك". وإن كان ما علقه من آيات القرآن فالصحيح من قولي العلماء أنه ممنوع أيضاً؛ لثلاثة أمور:

الأول: عموم أحاديث النهي عن تعليق التمائم ولا مخصص لها.

الثاني: سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك.

الثالث: أن ما علق من ذلك يكون عرضة للامتهان بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء والجماع ونحو ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015