وقد روى عمران بن حصين - رضي الله عنه-: "أن امرأة من جهينة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم- وهي حبلى من الزنا فقالت: يا نبي الله أصبت حداً فأقمه عليَّ، فدعا نبي الله - صلى الله عليه وسلم- وليها فقال: "أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها" ففعل فأمر بها نبي الله - صلى الله عليه وسلم- فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها، فقال له عمر - رضي الله عنه-: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟ فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله -تعالى-"، رواه مسلم (1696) ، ومن هذا الحديث نستفيد أن للجنين حقاً في الحياة، ولو كان ابن زنا، فلو كان لا حرمة له لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- برجمها قبل أن تضع حملها.
ولو أسقطت المرأة جنينها فقد اتفق الفقهاء على أن الواجب في الجناية على جنين الحرة هو غرة؛ لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى بحجر فطرحت جنينها، فقضى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم- بغرة عبد أو وليدة، رواه البخاري (5427) ، ومسلم (1681) ، والغرة عشر دية أمه، أي خمس من الإبل، ونصَّ الشافعية والحنابلة على وجوب الكفارة مع الغرة؛ لأنها إنما تجب حقاً لله -تعالى- لا لحق الآدمي؛ ولأنه نفس مضمونة بالدية، فوجبت فيه الكفارة، انظر: مختصر الخرقي (119) ، فتاوى ابن تيمية (34/159) و (160) أما لو سقط حياً فمات ففيه الدية كاملة والكفارة. ولما تقدم فإنه لا يجوز المشاركة في إسقاط الجنين، وأشير هنا إلى أن هذا الذي وقع للمرأة المذكورة ما هو إلا ثمرة من ثمار الاختلاط المحرم. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.