فإن كان المراد بنفي الكيفية (التفويض) هو نفي معرفة كنه تلك الصفة وكيفيتها أو الاسم فهذا حق وصدق فإنهم يقولون: (لا يعلم كيف هو إلا هو تعالى) ، ولهذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى كما في اجتماع الجيوش الإسلامية (1/141) (روى ابن بطة عنه في الإبانة بإسناده قال إذا قال لك الجهمي كيف ينزل فقل كيف يصعد) وفي أقاويل الثقات لمرعي بن يوسف المقدسي قوله: (وما أحسن ما قال بعضهم إذا قال لك الجهمي كيف استوى أو كيف ينزل إلى السماء الدنيا أو كيف يداه ونحو ذلك فقل له كيف هو في نفسه، فإذا قال لا يعلم ما هو إلا هو وكنه الباري غير معلوم للبشر فقل له فالعلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، فكيف يمكن أن تعلم كيفية لموصوف لم تعلم كيفيته وإنما تعلم الذات والصفات من حيث الجملة على الوجه الذي ينبغي له، بل هذه الروح قد علم العاقل اضطراب الناس فيها وإمساك النصوص عن بيان كيفيتها، أفلا يعتبر العاقل بها عن الكلام في كيفية الله تعالى مع أننا نقطع بأن الروح في البدن، وأنها تخرج منه وتعرج إلى السماء، وأنها تسل منه وقت النزع كما نطقت بذلك النصوص الصحيحة..) (1/207) ، ولما سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن الاستواء قال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ... ) ، نقل ذلك عنه في كثير من كتب العقائد، قال الإمام المقدسي في أقاويل الثقات (والمشهور عند أصحاب الإمام أحمد أنهم لا يتأولون الصفات التي من جنس الحركة كالمجيء والإتيان والنزول والهبوط والدنو والتدلي، كما لا يتأولون غيرها متابعة للسلف الصالح، قال وكلام السلف في هذا الباب يدل على إثبات المعنى المتنازع فيه. قال الأوزاعي - لما سئل عن حديث النزول - يفعل الله ما يشاء. وقال حماد بن زيد: يدنو من خلقه كيف يشاء قال وهو الذي حكاه الأشعري عن أهل السنة والحديث. وقال الفضيل بن عياض: إذا قال لك الجهمي أنا أكفر برب يزول عن مكانه فقل