عبارة "لا أسألك رد القضاء ولكن اللطف فيه"

المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء

التاريخ 19/10/1423هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قد وصلني بريد إلكتروني ينهى عن بعض الأقوال والأدعية، أرفق لكم أدناه قولين منها، وأرجو منكم توضيح ما إذا كان النهي صحيحا؟ وجزاكم الله خيراً.

"اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه" سبب النهي: فيه سوء أدب مع الله تعالى لأن فيه نوعاً من التحدي فكأنه يقول" يا رب افعل ما شئت ولكن الطف فيه، وأيضاً فيه منافاة للحديث: "لا يرد القضاء إلا الدعاء".

قول "الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه"

سبب النهي: سوء أدب مع الله يتضمن إعلانا تاماً أنك تكره ما قضى الله، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا أصابه مكروه يقول "الحمد لله رب العالمين على كل حال".

الجواب

الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فأما قول القائل: "اللهم إني لا أسألك رد القدر وإنما أسألك اللطف فيه".

فهذا دعاء لا أصل له، ومعناه غير صحيح، فكل من دعا الله ليدفع عنه مكروهاً - عدواً أو خطراً أو أن يكشف عنه شدة - فإنه يطلب بذلك رد القدر، والله - تعالى - قد أمر عباده بالدعاء، والداعي يطلب جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ثم إذا دعا العبد وسأل ربه حاجته فالله - تعالى - يفعل ما يشاء وهو الحكيم العليم، والله - تعالى - قد قدر الأسباب والمسببات، وكلها بقدر الله، وجعل هذه الأقدار تتدافع، فالجوع قدر، والعطش قدر، والمرض قدر، وقد جعل الله لرفع هذه الأقدار أسباباً فيدفع قدر الجوع بالأكل، والعطش بالشرب، والمرض بالدواء، وقدر البرد بالثياب والاستدفاء، وما أشبه ذلك، ويفر الإنسان من المكان الذي يخاف فيه، أو لا يجد فيه ما يحتاجه إلى المكان الذي يأمن فيه ويجد فيه ما يحتاجه من المنافع، ولهذا لما رجع عمر - رضي الله عنه - بالمسلمين ولم يدخل بهم الشام لأنه قد حدث فيه الطاعون قيل له: أتفر من قدر الله، قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله، فعلى الداعي أن يدعو ربه ويسأله حاجته؛ فيسأله النصر والرزق والشفاء من المرض وحصول الولد وسائر المطالب، ويسأل ربه أن يدفع عنه المكاره، ويسأل مع ذلك ربه أن يلطف به في جميع أحواله، أما قول القائل: إني لا أسألك رد القدر فهذا كلام لا يصح، وليس له اعتبار ولا أصل له في النقل فهو دعاء مبتدع.

وأما قول القائل: "الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه" فكذلك ليس هو من الحمد المشروع، بل الحمد ينبغي أن يكون مطلقاً فيقول: المسلم: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على كل حال، الحمد لله على السراء والضراء.

ثم قوله: إنه تعالى لا يحمد على مكروه سواه ليس بمستقيم، فإن الذي يؤدب ولده بالضرب ونحوه يحمد على ذلك وإن كان الضرب مكروهاً بموجب الجبلة فالولد يحمد والده على تأديبه، وكذلك من يفعل ما يوجب حداً أو تعزيراً إذا أقيم عليه الحد الذي يردعه، فإن الذي يفعل ذلك يحمد وإن كان إقامة الحد والتعزير موجع ومؤلم، ولكن الذي فعل هذا المكروه يحمد على ذلك لأنه محسن ومصلح وفاعل لما أمر به، والحاصل أن كلاً من العبارتين لا ينبغي ذكرها في الدعاء أو الحمد، بل يدعو الإنسان ربه ويحمده بالصيغ الشرعية المأثورة، وعلى الوجه المشروع، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015