هل ينذر لمنع نفسه من المعصية؟

المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة

التاريخ 03/11/1425هـ

السؤال

أحد الأشخاص لا يستطيع أن يتخلص من معصية ما، يريد أن ينذر لله أنه إن عاد إليها فسيفعل كذا وكذا، فهل يجوز له أن ينذر نذرًا لترك المعصية؟ وهل تنصحه بذلك؟ أحسن الله إليكم ونفع بكم المسلمين، وأسألكم أن تدعو لي الله أن يعينني على ترك المعاصي ما ظهر منها وبطن.

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

قول السائل: إنه مدمن على معصية لا يستطيع التخلص منها، هذا كلام خطأ، فالمعصية يمكن للعبد أن يتوب إلى الله عز وجل- منها متى ما وجد في قلبه الإيمان القوي، والصدق مع الله عز وجل، والإرادة الجازمة، والاستعانة برب العالمين، والتوكل عليه في دفع هذه المعصية، فنظرة السائل نظرة تشاؤمية، وفيها شيء من سوء الظن بالله عز وجل، والغالب أن المعصية التي لا يمكن للعبد أن يتخلص منها هي من قبيل الفواحش، إما من قبيل الوقوع في الفاحشة، أو من قبيل الوسائل الموصلة للفاحشة، ولا شك أن الفواحش من أعظم ما عُصي الله عز وجل- به، فالواجب على العبد هو إدمان الدعاء في الثلث الأخير من الليل، وفي أدبار الصلوات المكتوبة، وفي السجود، وأن يستعين بالله عز وجل- في رفع هذه المعصية عنه، ولا أنصح هذا السائل بالنذر؛ لأن الأصل في النذر أنه منهي عنه، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم- نهى عن النذر، وقال: "إنَّه لا يأتي بخيرٍ، وإنَّما يُستخرَجُ به مِن البَخيلِ". صحيح البخاري (6692) وصحيح مسلم (1639) . ويمكن التوبة إلى الله عز وجل- من هذه المعصية دون الحاجة إلى النذر، ولا يمكن أن يتوب العبد إلى الله عز وجل- من هذه المعصية وهو قريب منها، مُواقع لأسبابها ولوسائلها، فقد جاء في الحديث: "مَن سمِع بالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عنه". أخرجه أبو داود (4319) . فإذا كان العبد صادقًا في توبته، فالواجب عليه الابتعاد عن الوسائل والذرائع التي تقوي حب هذه المعصية في قلبه، فإذا كانت المعصية من قبيل الفواحش فالواجب على العبد كف البصر عن النظر إلى النساء، وكذلك الواجب كف البصر عن النظر للفواحش، والغالب أن القلوب لا تتعلق بشيء من الفواحش إلا إذا كانت فارغة من محبة الله عز وجل، وخشيته، وذكره، كما قال القائل:

أتاني هواها قبلَ أنْ أعرفَ الهوى فصادف قلبًا خاليًا فتمكَّنا

فالعبد يشغل نفسه بالطاعات والأعمال الصالحة أيضًا، ويحسن الظن بالله عز وجل، فإذا فعل ذلك كانت له العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015