المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
أنا شاب كان ماضيَّ مليء بالمعاصي الكثيرة التي تصل إلى بعض الكبائر والتي أسأل الله أن يتجاوز عنها. ومن ضمن المنكرات التي ارتكبتها أنني كنت أسطو على سائقي اللموزينات وأنهب ما لديهم بعد أن أقوم بضربهم أنا شباب أخرون معي. واستمرت تلك الحالة إلى درجة أنني لا أكاد أحصي تلك الأموال لكثرتها، وكذلك أموال أخرى غيرها. وقد ندمت على ما فات من عمري في تلك الجاهلية. وأريد أن أحج هذا العام من مال يقدمه لي والدي حيث إنني طالب بالمرحلة الثانوية ولا أملك من المال ما أحج به. فهل يمكنني الحج أم عليّ أن أرجع الأموال التي نهبتها إلى أصحابها مع العلم أن منهم من لا أعرفه ولا أعرف مقدار ماله. ومنهم من أعرفه وأعرف مقدار ما أخذته منه ولكني لا أملك من المال شيء. يا شيخ أريد أن أتوب وأقلع عن كل ما كان من أمور لا ترضي الله فماذا أصنع؟
الجواب
أرجو الله أن يوفقك للتوبة النصوح وأن يغفر لنا ولك سيئ الأعمال.
اعلم يا أخي أن التوبة الصادقة تمحو جميع الذنوب والسيئات مهما عظمت، قال تعالى:" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم " [الزمر:53] وفي الحديث الصحيح " يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ... يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة" انظر مسند أحمد (21472) ، ومسند الدارمي (2830) ، وصحيح مسلم (2687) ، وجامع الترمذي (3540) وقراب الأرض يعني ملؤها أو ما يقارب ملأها.
وأنت تعلم أن حج الفريضة أحد أركان الإسلام الخمسة ويجب أداء حقوق الآخرين قبل الحج؛ كالأموال التي أخذت منهم بدون حق بسرقة أو اختلاس أو نصب وسائر أنواع الحقوق من ديون أو مظالم. ويجب عليك أن ترد الأموال إلى أصحابها وأن تستسمحهم عن ما حصل منك إن كنت تعرف أهلها. وإن لم تكن تعرفهم فادع لهم بظهر الغيب، وإذا أغناك الله مستقبلاً فادفع هذا المال إليهم. وإن كنت لا تعرفهم فأنفق هذا المال صدقة في سبيل الله على الفقراء والمساكين، وادع لهم بظهر الغيب في صلاتك ودعائك ولا شيء عليك بعد هذا - إن شاء الله - وحجك من مال أبيك جائز ولا شيء فيه، فبادر إلى الحج لعل الله أن يجعله فاتحة خير لك في دينك ودنياك.
وعليك- يا أخي - بالمداومة على الصلاة مع الجماعة، والإكثار من تلاوة القرآن والدعاء في صلاتك وخارجها في ليل ونهار وعليك بالابتعاد عن جلساء السوء أمثال الذين كنت معهم وأوقعوك فيم وقعت فيه وانظر لك رفقاء وزملاء صالحين من أهل الخير والدعوة إلى الله.
أدعو الله لك أن تعود من حجك سالماً معافى وقد خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك. آمين وفق الله الجميع إلى كل خير.