كان الصحابة، رضي الله عنهم، يتلقون عن النبي صلى الله عليه وسلم- أقواله وأفعاله، ويتداولونها بينهم حفظًا ورواية، وكان بعض الصحابة، رضي الله عنهم، يكتب في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، ولهذا وجد بعض الصحف المكتوبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: صحيفة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، وفيها فرائض الصدقة، وصحيفة علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وفيها أسنان الإبل، وشيء من الجراحات، وصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، المعروفة بالصحيفة الصادقة، ودرج على ذلك التابعون، فكانوا يعتمدون على الحفظ والتلقي، ودوَّن بعضهم بعض السنة، ولهذا وجد عدد من النسخ أو الصحف الحديثية، ومن أمثلة هذه الصحف: صحيفة أو صحف سعيد بن جبير تلميذ ابن عباس، رضي الله عنهما، وصحيفة مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس، رضي الله عنهما، وصحيفة بشير بن نهيك كتبها عن أبي هريرة، رضي الله عنه، وصحيفة أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدريس المكي تلميذ جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، يروي نسخة عنه وعن غيره أيضًا، وصحيفة هشام بن عروة بن الزبير، وغير ذلك من الصحف الكثيرة التي رويت عن التابعين، والتي كانت هي الأساس الثاني بعد صحائف الصحابة، رضي الله عنهم، لما أُلِّف وصنف بعد ذلك، ثم إنه على رأس المائة الأولى من الهجرة بدأ التدوين الذي اتصف بالشمول، وذلك خوفًا من ضياع السنة، وكان من أوائل من قام بهذا العمل أبو بكر بن محمد بن حزم (ت 120هـ) ، وابن شهاب الزهري (ت 124 هـ) ، ثم إنه في عصر تابعي التابعين بدأ التصنيف في السنة حيث جمع طائفة من أهل العلم كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وكلام الصحابة، رضي الله عنهم، فألف أبو محمد عبد الملك بن جريج (ت 150 هـ) بمكة، ومعمر بن راشد باليمن (ت 153 هـ) ، وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي (ت 156 هـ) بالشام، وسعيد بن أبي عروبة (ت 156 هـ) ، والربيع بن صُبيح (ت 160 هـ) ، وحماد بن سلمة (ت 176 هـ) بالبصرة، ومحمد بن إسحاق (ت 151) ، وسفيان الثوري (ت 161) بالكوفة، والليث بن سعد (ت 175 هـ) بمصر وغيرهم، وهذه المصنفات أغلبها لم يصل إلينا، لكن ما تضمنته من أحاديث وآثار دخلت في المصنفات التي جاءت بعدها مثل مصنف عبد الرزاق الصنعاني (ت 211 هـ) ، ومسند الإمام أحمد (ت 241هـ) ، ومصنف ابن أبي شيبة (ت 235 هـ) ، وغيرها من كتب الحديث، ويعد الموطأ من أوائل المصنفات الحديثية التي وصلت إلينا، وهو نموذج للمصنفات في تلك الفترة حيث جمعت الأحاديث مقرونة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، وقد وصل إلينا بعض النسخ والكتب التي كتبت في عصر التابعين ومن بعدهم، وبعضها من موارد الإمام مالك في الموطأ، وهي مازالت مخطوطة، ومنها ما حُقِّق مثل:
- أحاديث الأعمش (ت 148 هـ) برواية وكيع عنه.
- كتاب المناسك لابن أبي عرابة (ت 156 هـ) .
- جزء من سيرة ابن إسحاق (ت 151 هـ) .
-أحاديث ابن جريج (150 هـ) ، جزء منه.
- نسخة ابن طهمان (168 هـ) ، جزء منه.
- نسخة جويرية عن نافع مولى ابن عمر (117 هـ) .
- نسخة عبيد الله بن عمر عن نافع مولى ابن عمر (117 هـ) .
-نسخة سهيل بن أبي صالح (ت 138 هـ) .