المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم
التاريخ 1/1/1425هـ
السؤال
وجدت شيئاً في كتاب قصص الأنبياء لابن كثير، أرجو توضيحاً له عندكم: وقد قيل أيضاً: إن مريم - عليها السلام- ذهبت يوماً وهي حامل إلى خالتها التي أخبرت أنها تحس كما لو كانت حاملاً، فقالت مريم: إنها تخشى أيضاً أن تكون حاملاً، فقالت خالتها: "أرى أن الذي في بطني يسجد لمن في بطنك"، والذي يحيرني أن المسلمين لا يسجدون إلا لله!. أرجو التوضيح -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إن ما وقع عليه السؤال ذكره ابن كثير في قصص الأنبياء، ولفظه: وذكر السدي بإسناده عن الصحابة -رضي الله عنهم- أن مريم - عليها السلام- دخلت يوماً على أختها، فقالت لها أختها: "أشعرت أني حبلى؟ فقالت مريم - عليها السلام-: وشعرت أيضاً أني حبلى؟ فاعتنقتها وقالت لها أم يحي: إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك".
وليس في هذا ما يدل على جواز سجود المخلوق للمخلوق؛ لأمور:
أولاً: أن القصة مما بلغنا من طريق أهل الكتاب، ولم يأت في الكتاب والسنة ما يثبت ذلك، فلا نصدقه ولا نكذبه ما لم يعارض أصلاً في شرعنا فنرده عندئذ.
ثانياً: أن هذه رؤيا رأتها أم يحي، والرؤى لا تثبت بها الأحكام.
ثالثاً: لو صح ما سبق لأمكن حمل لفظ السجود على غير معناه المتبادر، وكلام ابن كثير في بيان معنى السجود واضح جلي، إذ قال بعد إيراده القصة: (ومعنى السجود هاهنا الخضوع والتعظيم، كالسجود عند المواجهة للسلام، كما كان في شرع من قبلنا، وكما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم) .
وقد ذكر تأويل الإمام مالك لرؤيا أم يحي إذ قال مالك: (أرى ذلك لتفضيل عيسى - عليه السلام-؛ لأن الله -تعالى- جعله يُحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص) .
هذا -والله أعلم - إن صحت القصة فهي من قبيل رؤيا يوسف - عليه السلام- حين قال لأبيه: "يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ" [يوسف: من الآية4] . والله -تعالى- أعلم.