ومسألة تفضل علي على عثمان مسألة خلافية بين السلف، فلا يضلل من فضل علياً على عثمان، وإن كان خلاف الراجح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يذكر معتقد أهل السنة والجماعة: " ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ويثلثون بعثمان، ويربعون بعلي رضي الله عنهم، كما دلت عليه الآثار، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي -رضي الله عنهما- بعد اتفاقهم على تقديمهم أبي بكر وعمر أيهما أفضل، فقدم قوم عثمان وسكتوا وربعوا بعلي، وقدم قوم علياً، وقوم توقفوا، لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان، ثم علي، وإن كانت هذه المسألة - مسألة عثمان وعلي - ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، ولكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة؛ وذلك لأنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله ". ينظر العقيدة الواسطية ص (26) .
وقال الإمام الصابوني (ت 449 هـ) في عقيدة السلف وأصحاب الحديث: " ويشهدون ويعتقدون أن أفضل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، وأنهم الخلفاء الراشدون الذين ذكر صلى الله عليه وسلم خلافتهم بقوله، فيما رواه سعد بن نبهان عن سفينة: " الخلافة بعدي ثلاثون سنة " أخرجه أبو داود (4647) ، وابن حبان (6943) ، وبعد انقضاء أيامهم عاد الأمر إلى الملك العضوض على ما أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويثبت أصحاب الحديث خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- باختيار الصحابة واتفاقهم عليه، ثم خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- باستخلاف أبي بكر -رضي الله عنه- إياه، واتفاق الصحابة عليه بعده، ثم خلافة عثمان -رضي الله عنه- بإجماع أهل الشورى، وإجماع الأصحاب كافة ورضاهم به، حتى جعل الأمر إليه، ثم خلافة علي -رضي الله عنه- ببيعة الصحابة إياه ". ينظر: مجموعة الرسائل المنيرية (1/ 128) ، هذا والله أعلم.