وقد نص علماء المسلمين على أهمية جانب الترويح المباح وفائدته في التربية، فقد أشار الغزالي إلى ذلك بقوله:" وينبغي أن يؤذن له - أي الصبي - بعد الانصراف من الكُتّاب أن يلعب لعباً جميلاً يستريح إليه من تعب الكتب بحيث لا يتعب في اللعب، فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه إلى التعلم دائماً، يميت قلبه، ويُبطل ذكاءه، وينغّص عليه العيش حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه رأساً ".
وقال ابن مسكويه:" وينبغي أن يؤذن له - أي الصبي - في بعض الأوقات أن يلعب لعباً جميلاً، ليستريح إليه من تعب الأدب ولا يكون في لعبه ألم ولا تعب شديد".
وقال ابن جماعة:" ولا بأس أن يريح نفسه - أي المتعلم - وقلبه وذهنه وبصره إذا أكل شيئاً من ذلك أو ضعف، بتنزه وتفرج في المتنزهات بحيث يعود إلى حاله ولا يضيّع عليه زمانه، ولا بأس بمعاناة المشي ورياضة البدن به، فقد قيل إنه ينعش الحرارة ويذيب فضول الأخلاط وينشّط البدن "، (التربية الروحية في الإسلام -أحمدعبد العزيزأبوسمك ص 44-46) .
ومع بيان أصل الحل والمشروعية في الترفيه واللهو المباح فإنه ينبغي معرفة جملة من الأمور وهي:
1- أهمية الوقت والعمر: إن العمر قصير، والوقت ثمين، والإسلام يجلي أهمية الوقت، ولزوم اغتنامه، ويحدد وجوه الانتفاع به، فالله تعالى يقول: "وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً" [الفرقان:62] ، وإذن فالحياة والعمر ينبغي أن يشغل بالذكر والشكر، والله سبحانه وتعالى يقول: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات:56] فهذه غاية الحياة التي ينبغي أن يستغل فيها الوقت ويستثمر، والمصطفى صلى الله عليه وسلم يكشف عن الخسارة الفادحة في تضييع الوقت بقوله:" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ" رواه البخاري (6412) ويأتي التذكير والتحذير منه فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أعذر الله إلى امرئ أخّر عمره حتى يبلغ الستين" البخاري (6419) ، وكلنا يعلم أننا بين يدي الله موقوفون، وعن أوقاتنا وأعمالنا مسئولون كما قال صلى الله عليه وسلم:" لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن علمه ما عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه"رواه الترمذي (2417) ، فالوقت إذن أثمن من أن يضيع في غير ما ينفع.