المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب
التاريخ 15/3/1425هـ
السؤال
ما الحكم في تصنيع عرائس لمسرح أطفال بغرض توجيه الأطفال وإيصال دروس تربوية وإسلامية؟ مع العلم بأن العرائس بسيطة ومن القماش، وليست دقيقة الصنع ولا الملامح.
الجواب
الحمد لله:
تصنيع هذه العرائس وبيعها مبني على حكم هذه (العرائس) هل هي جائزة أم لا؟
وقد وردت جملة من الأحاديث في الصحيحين وغيرهما فيها المنع من التصوير ولعن المصوّر، والأمر بطمس الصور، والإخبار بتعذيب المصورين، وغيرها من الأدلة التي ورد فيها التغليظ في التصوير.
وقد اختلف أهل العلم قديماً وحديثاً في المراد بالتصوير الوارد في هذه الأحاديث، هل المراد بالأحاديث تصوير ذوات الأرواح مطلقاً؛ أم أن المراد به تصوير المجسمات ذوات الظل فقط؟
كما اختلفوا أيضاً فيما يستثنى من أحاديث النهي عن التحريم، ومما اختلفوا فيه لعب الأطفال هل هي داخلة في هذا النهي أم أنها مستثناة من النهي؟
والذي يظهر لي ـ والله أعلم ـ أنها مستثناة من هذا النهي؛ للأدلة التالية:
ما رواه البخاري (4130) أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تلعب بالبنات عند النبي - صلى الله عليه وسلم-.
وعند أبي داود (4932) وغيره عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك أو خيبر.. وذكرت أنه رأى بناتاً لها وفي وسطهن فرس له جناحان.
وفي الصحيحين البخاري (1960) ، ومسلم (1136) عن الرُّبيّع بنت معوذ أنهم كانوا يصوّمون صبيانهم يوم عاشوراء ويجعلون لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطي تلك اللعبة.
وقد يقال: إن حديث الربيع ليس فيه دليل على أن تلك اللعب كانت من ذوات الأرواح، لكن يبقى حديث عائشة نص في ذلك، لأنها -رضي الله عنها- ذكرت أن تلك اللعب كانت بناتاً وفرساً، ولو لم تكن صوراً فكيف يعلم أنها بنت أو فرس.
كما أن أمثال تلك اللعب تساعد على تربية الأولاد ـ خاصة البنات ـ وتعوّدهن على تربية الأولاد منذ الصغر، والمشاهد أن البنت إذا كان لها لعبة من هذه اللعب تتخذها كالبنت لها، وتحافظ عليها وتعتني بها، وفي هذا الأمر مسلك تربوي مهم، وهو تعويد تلك الفتيات على تربية الأبناء منذ الصغر، إلى غير ذلك من الفوائد التربوية لهذه اللعب.
والقول باستثنائها من أحاديث النهي عن التصوير هو رأي الجمهور.
وقد اختلف العلماء المعاصرون ـ أيضاً ـ في هذه (العرائس) الحديثة هل هي داخلة في الأحاديث الدالة على الجواز أم لا؟ وسبب استشكالهم دخولها في أحاديث الجواز: هو أن التصنيع الحديث لهذه اللعب يكون فيه التصوير دقيقاً حتى قد يخيّل للناظر من أول وهلة أن هذه الدمية حية.
ولكن الذي أراه - والعلم عند الله - أن دقة التصوير لا أثر له في الحكم، والعلماء الذين استثنوا هذه الدمى من النهي عن التصوير إنما استثنوها. لأنها صور، ولو لم تكن صورة لم تكن داخلة في النهي حتى يمنع منها، ولهذا فإن هذه الدمى لو لم تكن للأطفال كانت محرمة، وعلى ذلك فدقة التصنيع لا أثر له في الحكم.
ولكن لا بد من استثناء ما لو كانت هذه الدمى تتضمن أمراً محرماً كما لو كان فيها نغمات موسيقية، أو كان تصويرها على وضع مخلٍّ بالأخلاق، ونحو ذلك.
وإذا تقرر ما سبق فإن الحكم بالنسبة لك الجواز، خاصة وأنك قد ذكرت أن تلك (العرائس) ليست دقيقة الصنع. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.