هل مراقبة المواقع تجسُّس

المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام

التاريخ 2/8/1424هـ

السؤال

أنا عامل بصالة للإنترنت، وحرصاً منَّا على تقديم الخدمات اللازمة للزبون, ارتأينا وضع برنامج على الجهاز الموزع الرئيسي للصالة اسمه (وين بروكسي) بحيث نستطيع به مراقبة جميع الأجهزة الموجودة أي التجسُّس على أي موقع يدخله الزبون ومن ثم إغلاق المواقع الجنسية بطريقة آلية وبدون أن يشعر الزبون, ومن مزاياه كذلك التحكم في التوزيع الجيد للإنترنت على جميع الحواسب بطريقة ثابتة، كذلك التقليل من احتمال الإصابة بالفيروس وذلك بملئه بالمواقع الجنسية في ذاكرته أي إن طلب موقع جنسي موجود نفس اسمه في ذاكرة هذا البرنامج فإنه يغلق بطريقة آلية وسريعة جداً، وبه لا يستطيع الزبون الدخول إلى ذلك الموقع إلا بترخيص منا نحن المشرفين على الصالة، وهذا لن يكون بطبيعة الحال.

فهل هذا العمل تجسس؟ مع العلم أن فائدة هذا البرنامج أكبر من مجرد التجسس على الزبائن.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فكم أبهجني وأعجبني ما لمسته في رسالتكم من غيرتكم على إخوانكم، وشعوركم تجاههم بالمسؤولية ورغبتكم في النصح لهم.

أخي! ما تفعلونه ليس تجسُّساً ولا تحسُّساً ولا تتبعاً لعورة، فأنتم لا تعلمون ماذا يكتب وماذا يقرأ ولا تسمعون حديثه، ولم تطَّلعوا على رسائله، ولم تقتحموا شيئاً من خصوصياته، وغاية ما تعلمون هو نوع الموقع الذي يتصفَّحه ـ أي كونه موقعاً جنسياً أو غير ذلك.

ثم إن عملكم هذا إنما هو لأجل مصلحته هو.

ولكن ـ مع ذلك ـ يجب عليكم أن تستروا عليه إن وجدتموه يرتاد شيئاً من هذه المواقع، ولكم أن تناصحوه، ولكن لا تُشيعوا خبره ولا تفضحوا سريرته ما دام مستتراً بستر الله لم يجاهر بمعصيته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين" أخرجه البخاري (6069) ، ومسلم (2990) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

على أنه ينبغي كذلك ـ زيادة على ما تبذلونه في سبيل حجب المواقع السيئة عن رواد مقهاكم ـ أنْ تكون الأجهزة مكشوفة حتى يسهل مراقبتها، فكم وجد من الطوام والفظائع في الغرف المغلقة.

وأن تتفقّد الأجهزة كل حين؛ لتنظيفها من كل ما قد يُحفظ فيها من الصور أو المواقع المحرَّمة ونحو ذلك مما يستعان به للوصول إليها.

هذا، مع ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمسئولية صاحب المقهى أو من يقوم مقامه في ذلك أعظم من غيره، فله في محله سلطان كسلطان الأب في بيته.

وبعد، فإنَّ المأمول من الأخ السائل فوق ذلك بكثير، وينبغي ألا يقنع بمجرد تطهير محله من أن يكون عوناً على الفساد، بل المنتظر منه أن تكون له سابقة في استثمار المقهى في دعوة الشباب إلى الخير وشغل أوقاتهم بالنافع المفيد.

إنَّ في جملة الشباب المترددين على هذه المقاهي من المهارات والطاقات ما يحتم علينا استثمارها وتوظيفها في سبل الخير، ونجاح هذا مرهونٌ بقوة التأثير والاجتذاب التي لا تتحقق غالباً إلا من خلال التجديد والابتكار واستغلال تقنيات هذا العصر.

إنني أدعو هذا السائل وغيره من الأخيار الصالحين الذين يرغبون الاستثمار في هذا المجال ـ إلى الأخذ بهذه الوسائل والاجتهاد في استغلالها، حتى يجعلوا من هذه المقاهي موطناً للهداية والإفادة، وحتى يعلم الناس أن المقاهي ما هي إلاَّ أداةٌ تصلح أن تكون نواة للخير، وليست حكراً على الفساد.

جعلنا الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لمرضاته ويستعملَنا في طاعته.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015