المجيب د. ناصر بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الربوبية
التاريخ 23/3/1424هـ
السؤال
شيخنا الفاضل أذكركم أننا طلبة في دولة من دول روسيا السابقة، آثرنا لحفظ دين الشباب أن نعمل حلقات تربوية للشباب العرب والروس الذين اعتنقوا الإسلام، ولكن - ولقلة بضاعتنا من العلم الشرعي ولوجود بعض المروجين لإحدى الفرق الضالة- ينتاب شبابنا بعض الشبهات التي لا نجد لها إجابة، فنرجو من الله -سبحانه- أن يوفقكم للإجابة عنها:
- في مسألة خلق السماوات والأرض في ستة أيام، والجمع بينها وبين كون أن الله - سبحانه- أمره أن يقول لشيء كن فيكون.
الجواب
أما خلق السماوات والأرض في ستة أيام فقد أخبر -تعالى- عنه في كتابه العزيز، يقول -تعالى-: "إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش" [الأعراف: 54] ، [يونس: 3] وخلقها في هذه المدة لا يعارض قوله -تعالى-: "إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون" [يس: 82] ؛ لأن كون الشيء وحدوثه متعلق بإرادة الله -تعالى- أن يقع في هذه المدة بعينها، ولو تعلقت إرادة الله -تعالى- بأقل من هذا العدد أو أكثر لكان الأمر كما أراد -سبحانه وبحمده- وإن كان طرفة عين، وهذه سنته -تعالى- في مخلوقاته صغيرها وكبيرها، وفي حكمة هذا يقول ابن العربي في كلام له جيد في أحكام القرآن عند قوله -تعالى-: "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة" [الأعراف: 142] قال: "ضرب الأجل للمواعيد سنة ماضية، ومعنى قديم أسسه الله في القضايا وحكم به للأمم وعرفهم به مقادير التأني في الأعمال، وإن أول أجل ضربه الأيام الستة التي مدها لجميع الخليقة فيها، وقد كان قادراً في أن يجعل ذلك لهم في لحظة واحدة؛ لأن قوله لشيء إذا أراده أن يقول له: كن فيكون، بيد أنه أراد تعليم الخلق التأني، وتقسيم الأوقات على أعيان المخلوقات، ليكون لكل عمل وقت" ا. هـ.
وربما توجه السؤال بعد هذا عن الحكمة في تعلق الإرادة بهذه المدة بعينها دون زيادة أو نقص، وقد خاض المتكلمون في الكشف عن سره بما لا طائل وراءه، ولعل هذا من جملة الغيب الذي خفي علينا، وامتدح الله عباده بالإيمان به.