فاحذر -يا أخي أنت وإخوانك- من عقوق والدكم، ولا يسوغ لك أن تصف أباك بهذه الأوصاف السيئة، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس وقال: ألا وشهادة الزور ... " الحديث رواه البخاري (5976) ومسلم (87) من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-، بل إن الله حرم أن يقول الولد لأحد والديه كلمة "أُفٍّ"، فكيف أن يقول أو يفعل بهما أو بأحدهما أعظم من ذلك، قال عز وجل: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً" [الإسراء:24-25] ، هذا هو أدب القرآن، وهذه تربية الإسلام، وتلك حقوق الوالدين فارعها حق رعايتها، وقم بأدائها حق قيام؛ تجد خيراً تفوز به في الدنيا والآخرة، وإن كان ما ذكره السائل عن والديه صحيحاً فقد يكون سبب تصرفات الأب المذكورة هو الأولاد، فقد تكون معاملتكم لوالدكم سيئة، أو أنكم تقصرون في حقه، أو لا تعطونه ما يحتاج من نفقة، أو لا تحسنون معاملته، أو لا تحترمونه وتجلونه وتقدرونه، ولذلك أصبح يعاملكم تلك المعاملة القاسية لسوء صنيعكم به، ولهذا فإني أنصحك - أيها الأخ السائل وفقك الله- أن تحسن لوالدك، وتقابل إساءته لك - إن صدرت منه- بالإحسان، والدعاء له بالمغفرة، والعفو والرحمة، ولا تنس أن تهديه بين الفينة والأخرى؛ فالهدية تقرب القلوب، وتذهب الشحناء، وتزيل البغضاء من النفوس، وقم بخدمته وقضاء حوائجه بطيب نفس وطلاقة وجه، وقبِّل رأسه، وقدمه في المجلس ولا تتقدم عليه في دخول أو خروج، أو أكل أو شرب، وشاوره فيما تقدم عليه من أمورك الخاصة، وسوف تجد محبة والدك لك - إن شاء الله- ولإخوتك، وتذهب تلك السلوكيات التي تتضايق أنت وإخوانك منها.

أما إن كانت تصرفات والدك لا تصدر من العقلاء بمعنى أنها تصرفات ناقصي العقل أو فاقديه، فيجب عليك أنت وإخوتك الذهاب بوالدكم لإحدى المستشفيات النفسية أو المصحات العقلية لعلاجه ... وبناء على ما يتقرر لدى الأطباء المختصين يمكن اتخاذ ما يلزم من قبلكم حيال طلب الحجر عليه أم لا ... علماً بأن طلب الحجر على أبيكم من اختصاص المحكمة الشرعية.

وفقك الله وإخوتك لبر والديكم ورزقكم الصبر والاحتساب، وهداكم صراطه المستقيم، وتاب علينا وعليكم إنه هو التواب الرحيم، والله أعلم، وصل الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015