الثالث: حديث أنس مرفوعاً: ((ملعون من نكح يده)) وفي لفظ: ((سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيمة ولا يجمعهم مع العالمين، ويدخلهم النار أول الداخلين إلا أن يتوبوا: الناكح يده..)) .
والجواب: أن هذا حديث أخرجه الحسن بن عرفة في جزئه، ومن طريق ابن الجوزي، من طريق مسلمة بن جعفر، عن حسان بن حميد، عن أنس مرفوعاً. ومسلمة وشيخه مجهولان. وأخرجه أبو الشيخ وغيره من طرق عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً، والإفريقي ضعيف عند أهل الحديث.
الرابع: حديث أبي سعيد مرفوعاً: ((أهلك الله عز وجل أمة كانوا يعبثون بذكورهم)) .
والجواب: أن هذا حديث أخرجه ابن الجوزي في (العلل المتناهية) بإسناد فيه مجاهيل، فلا حجة فيه.
الخامس: أن المستمني يُعد فاعلاً بنفسه، ولهذا لجأ بعض من جوّزه إلى تقييده بأن يكون بشيء منفصل عن اليدين، كالقماش والعجين ونحو ذلك، حتى لا يكون من فعل هذا ناكحاً نفسه.
الجواب: أن هذا تعليل مروي عن ابن عمر، وليس عليه دليل، بل الدليل والحس على خلافه، فإنه لا يسمى في الشرع ولا في اللغة نكاحاً، وقد أجمع العلماء على أن من فعل مثل ذلك بيد أجنبية أنه لا حدّ عليه. والمروي عن ابن عمر إن صح فإنما أراد به التنفير.
فعُلم بذلك أنه ليس في المسألة دليل يمكن الاعتماد عليه في التحريم، إلا أنه عمل لا تقبله النفوس الكريمة، ولا يقدم عليه امرؤ ذو مروءة وشيمة. قال القرطبي: لو قام الدليل على جوازه كان ذو المروءة يعرض عنه لدناءته، وقال ابن حزم - وهو يرى الإباحة مطلقاً -: وليس في الأدلة ما يحرم تعمد الإنزال، فقد قال تعالى: ((وقد فصّل لكم ما حرم عليكم)) . وليس هذا مما فصل، فهو حلال، إلا أننا نكرهه، لأنه ليس من مكارم الأخلاق ولا من الفضائل، والله تعالى أعلم.