الاجتماع في العبادة

المجيب عمر بن عبد الله المقبل

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/أدب الصديق

التاريخ 4/3/1424هـ

السؤال

رأيت أنا وبعض الإخوة أن نتعاون في صيام الست من شوال، فقررنا أن نصوم كل اثنين وخميس على أن نفطر كل مرة في بيت أحدنا بالتناوب، فلما سمع هذا الأمر بعض الإخوة أنكر هذا الأمر واعتبره بدعة، وأنه لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة فعلوا هذا الأمر -صيام الست من شوال والإفطار جماعة-، وطالبنا بالدليل على جواز هذا الأمر.

أرجو أن توضح لنا الصحيح في هذه المسألة، ولكم منا جزيل الشكر، ومن الله الأجر والثواب.

الجواب

أخي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهنيئاً لكم توفيق الله لكم لهذه النوافل العظيمة التي وعد النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها بالثواب العظيم، ومنها صيام الست من شوال، خاصة وأنتم في بلاد الكفر، فتقبل الله منا ومنكم، وثبتنا وإياكم على دينه.

يا محب: أما قول من يذكر -ممن ينتمي كما يدعي إلى التيار السلفي- من بدعية صيام ست من شوال فأين هو من قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي أيوب -رضي الله عنه- الذي رواه مسلم (1164) في صحيحه:"من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر"؟ وجمهور أهل العلم على استحباب صيامها، ولم ينكره إلا مالك -رحمه الله- وتبعه على ذلك أتباعه، والسنة -إذا صحت عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم- مقدمة على قول كل أحد مهما كانت منزلته في العلم.

وصوم الست من شوال ثبت من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- القولية لا العملية، ويكفي -عند أهل العلم- لثبوت السنة أن يصح بها القول أو العمل أو الإقرار منه -صلى الله عليه وسلم-.

أما كون الاجتماع على ذلك بدعة، فإن الواجب عليكم دائماً -في هذه المسألة وغيرها- أن تسألوا من يبدع عن دليله على أن ما ذكره بدعة.

ومع هذا يقال إن في السنة ما يدل على جواز الاجتماع في العبادة، فقد روى الترمذي (807) وصححه من حديث زيد بن خالد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من فطر صائماً فله مثل أجره"، ومعلوم أن تفطير هذا الصائم سيترتب عليه الاجتماع به، فدل هذا على مشروعية التفطير للصائمين، وما ترتب على المشروع فهو مشروع.

وسبحان الله كم هي الفوائد التي تترتب على الاجتماع مع الإخوة في الله وعلى طاعة من الطاعات، وخصوصاً في بلاد الكفر، التي يحتاج -بل يضطر- الإنسان إلى من يكون عوناً له على الطاعة؟!

ثم يقال لهذا الأخ -هداه الله ووفقه للصواب- إن التبديع ليس بالأمر الهين، والحكم على الشيء بأنه بدعة أمر يجب التأني فيه، والتحقق منه وعدم العجلة، فكم زلت في هذا الباب أقدام، وكم ترتب على ذلك من تمزيق لصفوف المسلمين بعد أن كانت مجتمعة.

وبخصوص مسألتنا هذه، فإنه يمكن مطالبة هذا الأخ (المبدع) بالدليل على أن الصحابة -رضي الله عنهم- أو بعض السلف ما كانوا يجتمعون على أمثال هذه المناسبات، ويقال له: هل استوعبت كتب السنن والآثار؟! واطلعت على ما فيها لتجزم بهذا الحكم الشديد؟!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015