المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته
التاريخ 3/4/1424هـ
السؤال
سؤال عن أحكام كفالة اليتيم. بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: إذا أراد شخص كفالة يتيم يستوجب عليه أن يعيش معه في المنزل أم يكتفي بدفع مبلغ الكفالة لدار الأيتام؟ وهل الكفالة تكون مرة واحدة أو يتم دفع المبلغ حتى بلوغ اليتيم؟ آمل منكم الإفادة العاجلة، جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله -تعالى- وبعد:
لا شك أن فضل كفالة اليتيم جاءت به السنة، وذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً" رواه البخاري (5304) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه- وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه" رواه مسلم (2631) من حديث أنس - رضي الله عنه-، وهناك أحاديث صحيحة في هذا الموضوع مما يدل على فضل ذلك وأهميته، لأنه من التكافل والمواساة التي أمرت بها الشريعة ودعا إليها نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وكذلك جاءت في كتاب الله -تعالى- قصة أم مريم بنت عمران، مما يدل على فضل كفالة اليتيم. وبالنسبة لما ذكره السائل: هل كفالة اليتيم تستوجب عليه أن يعيش معه في المنزل أم لا؟ أم يكتفي بوضع مبلغ لدار الأيتام، وهل يدفع المبلغ مرة واحدة أم ينتظر حتى يبلغ؟ والجواب على هذه الفقرة: أن كونه يعيش معه في المنزل فإنه لا حرج في ذلك، ولكن ليس بواجب ولا يعتبر شرطاً حتى يتحقق معنى الكفالة، وقد دل على ذلك قوله تعالى: "فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة:220] وهذا خير، لكن ما دام أن هناك دوراً خاصة للأيتام تتولى المتابعة والإشراف والقيام بما يلزم لليتيم على الوجه الأكمل، والتربية الشرعية، فلعل هذا يكون أفضل، لما لديهم من القدرات والكفالات والاستعدادات لأجل هذا الأمر، لكن يجب أن تكون دوراً موثوقة سليمة المنهج والطريقة، ولك إن شاء الله -تعالى- أجر الكفالة، وفضل الله واسع، ما دام أنك ساهمت بمالك، وينبغي أن يعلم أن الاستمرار في دفع مبلغ الكفالة حتى بلوغ اليتيم أعظم في الأجر، وكذلك ينبغي بين الفترة والأخرى زيارة اليتيم الذي قمت بكفالته لتتحقق من قيامهم بالواجب تجاه ما أنفقته من مالك إن تيسر لك ذلك، وأسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا وإياك لما فيه رضاه، وأن لا يحرمنا وإياك الأجر.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.