وفي حالة التأكد أن التحية التي قيلت هي السلام عليكم بلا شك فقد قال ابن القيم:"الذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام، فإن هذا من باب العدل والله يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال تعالى:"وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" [النساء:86] فندب إلى الفضل وأوجب العدل ولا ينافي هذا شيئاً من الأحاديث فإنه -صلى الله عليه وسلم- إنما أمر بالاقتصار على قول الراد: وعليكم. بناء على السبب المذكور الذي كانوا يتعمدونه في تحيتهم" فإذا زال السبب وقال الكتابي: السلام عليكم ورحمة الله فالعدل في التحية يقتضي أن يرد عليه نظير سلامه".
وأما الزيارة ففيها تفصيل يمكن إيجازها في هذه الحالات:
الأولى: إن كان المقصود من الزيارة دعوته للإسلام ويرجو استجابته فلا مانع بل يؤجر على ذلك، وقد ثبت عن البخاري في صحيحه (1356) من حديث أنس -رضي الله عنه- أنه قال:"كان غلام يهودي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فمرض فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- فعاده، فقعد عند رأسه فقال له أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له:"أطع أبا القاسم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم-وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار".
الثاني: إن كان هناك سبب معتاد متعارف عليه للزيارة فلا مانع، فإن كان قريبه نصرانياً فله حق القرابة، ويدخل فيها الزيارة وكذا الجار فعموم الأمر بالإحسان إلى الجار تدخل فيه الزيارة، ونحو ذلك من الأسباب المألوفة، ويحسن أن ينوي دائماً أن تكون زيارته دعوة للإسلام ولو غير مباشرة وذلك بإظهار محاسن الإسلام وأخلاق المسلمين وحسن الصلة والتعامل، ويحسن مع ذلك أن تكون الزيارة بقدر الحاجة، وبما لا يقع فيه محرم أو تأثير سلبي برؤية المنكر وعدم الإنكار.
الثالثة: إن كانت الزيارة على سبيل التعظيم له وفيها إظهار منزلة له أرفع من المسلم، وأنه صاحب الفضل والمنة، وكان إلى ذلك خشية الافتتان به والتأثر بأقواله وأفعاله، فهذه الزيارة ممنوعة لمخالفتها القواعد الشرعية التي فيها فضيلة المسلم ورفعة مقامه، وما ورد من النهي عن تهنئتهم في أعيادهم وغير ذلك مما يتضمن الإقرار بالباطل أو الافتتان به.
وبالجملة ما كان فيه مصلحة والمفسدة فيه مأمونة فلا بأس بقدر ما تقع به المصلحة، ويكون فيه إظهار حسن تعامل المسلمين ووفائهم بالحقوق والواجبات الإنسانية ولا يخالطه تعظيم أو ترخص في الخلطة التي تؤدي إلى الوقوع في ارتكاب المحرمات.