(5) وأما دخول الكفار إلى المسجد فهو محل خلاف بين العلماء، والذي يترجح في المسألة هو جواز دخولهم للمسجد إذا دعت الحاجة إلى ذلك وبإذن المسلمين، والدليل على ذلك هو ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال له: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد " متفق عليه عند البخاري (462) ، ومسلم (1764) ، ووجه الدلالة أن ثمامة أدخل المسجد وربط بسارية من سواريه وهو مشرك، وما رواه عثمان ابن أبي العاص-رضي الله عنه- أن وفد ثقيف قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزلهم المسجد حتى يكون أرق لقلوبهم " رواه ابن خزيمة (601) ، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: بينما نحن جلوس مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد دخل رجلٌ على جمل، فأناخه في المسجد، ثم عقله، ثم قال لهم: أيكم محمد؟ والنبي -صلى الله عليه وسلم- بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ...." الحديث رواه البخاري (63) ، ومسلم (12) ، وما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -قال: إن اليهود أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد في أصحابه- رضي الله عنهم-، فقالوا: يا أبا القاسم في رجل وامرأة زنيا منهم " رواه أبو داود (488) . ومن الأغراض التي تسوّغ دخول الكافر للمسجد أن يدخل لغرض نافع كسماع قرآن أو علم، أو يرجى إسلامه وما أشبه ذلك، ولكن يشترط لدخولهم أن يؤمن منهم الضرر، وألا يلوثوا المسجد بنجاسة أو كلام منكر، وإذا كان الداخل امرأة فعليها أن تتستر ولا تتبرج، لأنه إذا كان هذا شرطاً في حق المرأة المسلمة لدخول المسجد فهو في حق الكافرة من باب أولى، ولأن دخولها مع التبرج والسفور يؤدي إلى الضرر بالمصلين وفتنتهم، ومن شروط دخول الكافر للمسجد ألا يتضرر بدخوله أحد من المصلين. كما أن المساجد بيوت الله، وعلى الداخل إليها أن يحترمها بالتزام الأدب واحترام دين الإسلام، وإذا كنا نلزم الكفار في بلاد الإسلام باحترام مشاعر المسلمين بعدم إظهار شعائرهم الكفرية المخالفة للإسلام، فإن أشد ما ينبغي أن يكون هذا الإلزام هو في المساجد التي هي أطهر الأماكن وأحبها إلى الله - تعالى-.

(6) وأما الكلام بين الرجل والمرأة الأجنبية فلا بأس به إذا كان فيما تدعو الحاجة إليه من أمور الدين أو الدنيا، ولم يكن فيه خضوع بالقول من قبل المرأة، مع التزامها بالحجاب الشرعي، ولم يكن هناك خلوة، ولا يشترط أن يكون هناك حاجز من حائط ونحوه، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحادث النساء وكذلك أصحابه-رضي الله عنهم- من بعده -صلى الله عليه وسلم-، وينبغي الحذر من الاسترسال في الحديث الذي لا داعي له؛ لأنه قد يجر إلى مفاسد كثيرة.

(7) ما ذكرت من الصور المعلقة في خارج المسجد فعليك أن تعالج أمرها مع المسؤولين عن المسجد، وتحاول أن تقنعهم بخطأ تعليقها ووضعها في هذا المكان، وبخاصة أن منها صوراً لنساء سافرات، ولا تقم بنفسك بإزالتها إذا كان سيترتب على إزالتها مفسدة أكبر من مصلحة إزالتها، ويستحسن أن تجعل إمام المسجد يتولى هذا الأمر بنفسه؛ لأنه يملك شيئاً من المسؤولية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015