ثانياً: كثير من الأدلة الشرعية الواردة في الكتاب والسنة لم تأتِ لبيان وقائع محددة تبين حكمها من جميع الجوانب، وإنما جاءت متصفةً بالعموم والإطلاق؛ ليدخل تحتها ما لا يحصى من الوقائع والحوادث - ما كان منها موجوداً وقت نزول الوحي، وما استجد منها بعد ذلك - وهذه الأدلة لا يتيسر لكل الناس تحديد المراد منها، ولا معرفة ما يدخل فيها من الحوادث وما يخرج عنها؛ لأن هذه الأدلة -كما سبق ذكره- متصفة بالعموم والإطلاق وما إلى ذلك، وإنما يفهم المراد منها وما يدخل تحتها وما يخرج عنها أهل العلم الذين أخذوا منه بحظٍ وافر، ولو جعل الأمر لأفهام الناس عموماً لحصل التناقض والتضاد في شريعة رب العالمين؛ لأن كل إنسان يفسر النصوص حسب فهمه القاصر، وبناءً على إدراكه الناقص، وهذا باطل؛ لأن ذلك قدح في شرع الله، وقد نزه الله شرعه عن أن يكون كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015