المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/شمول رسالة الإسلام وعمومها
التاريخ 29/3/1425هـ
السؤال
أنا طالب مقيم في دولة غربية، وخلال إقامتي ناقشت بعض المسلمين الذين يجعلون العقل هو الحكم في قبول أدلة الشرع، فأخذوا يناقشوني في حرمة الربا وأن الحال الآن في العالم من العولمة والبورصة العالمية تستلزم التعامل بالفوائد، ولقد حاولت تبيين عظم حرمة الربا، ولكن للأسف من غير فائدة، أرجو من سماحتكم توجيهي في طريقة مناقشتهم والكتب التي تنصح في قراءتها لمناقشة مثل هذا الصنف من الناس. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فمن الممكن مناقشة هؤلاء من خلال عدة محاور:
الأول: بيان ما يجب على المسلم تجاه النصوص الشرعية من التسليم والانقياد لحكم الله، وأن المؤمن لا يكون مؤمناً حقاً حتى يحكم النصوص الشرعية سواء وافقت عقله القاصر وهواه أو لم توافقه، وأن من مقتضى الإيمان بالله أن يستسلم العبد لحكمه، يقول سبحانه: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما " [النساء:65] .
الثاني: على العبد أن يوقن دوماً أن حكم الله فيه غاية المصلحة والخير الدنيوي والأخروي للعباد، وأن العبد إذا ظهر له خلاف ذلك فإنما هو لقصوره البشري؛ لأن الله تعالى هو واضع هذه الأحكام، وهو أدرى بمصالح العباد من أنفسهم، يقول تعالى: "ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون " [المائدة:50] .
الثالث: وأما كون النظام السائد في الأسواق العالمية هو نظام الفائدة فهذا لا يعني أنه أفضل من النظام الاقتصادي الإسلامي، لأن انتشار نظام الفائدة كان له أسبابه ومبرراته، ومنها الدعم الكبير الذي حظي به هذا النظام من قبل المؤسسات الرأسمالية وأصحاب النفوذ والسلطة، وهم المستفيد الأول منه، وصاحب ذلك ضعف سياسي عند المسلمين نتج عنه غياب أو انحسار البدائل الشرعية المناسبة، وكون الدول الرأسمالية قد حققت قدراً أكبر من الرفاهية مقارنة بالدول الأخرى لا يرجع ذلك بالضرورة إلى نجاح نظامها الاقتصادي، فثمة عدة عوامل ساعدت على ذلك من أهمها: الاستقرار السياسي، وبناء مؤسسات المجتمع المدني من سلطة تشريعية وقضائية وتنفيذية على نحو تفوقت فيه على كثير من الدول، والأهم من ذلك هو ابتزازها لخيرات الشعوب الأخرى، وتسخيرها لكافة إمكانياتها العسكرية والسياسية والاستخباراتية، لدعم نظامها الاقتصادي، تحت مسميات متعددة، فتارة باسم الاستعمار، وتارة بالضغوط الخارجية، وأحياناً بالحصار الاقتصادي، ومكافحة الإرهاب، وأحياناً بدعوى الإصلاح الإداري..، وقل ما شئت من المسميات التي لا تنطلي على عاقل، ويدرك اللبيب أن المقصود منها هو التضييق على بقية الدول وامتصاص خيراتها وإجهاض أي محاولة لمنافسة الدول الاستعمارية.