المجيب سليمان بن عبد الله القصير
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 3/6/1425هـ
السؤال
هل يجوز لأبي أن يسجل جزءاً من أمواله لأحد أبنائه تفادياً لحدوث مشاكل؟.
الجواب
بسم لله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
تسجيل جزء من المال لأحد الأبناء يعتبر عطية أو هبة، وتفضيل أحد الأولاد بهبة لا يجوز، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن هذا، فعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما- قال: أعطاني أبي عطية؛ فقالت أمي: لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أعطيت ابني عطية، وأريد أن أشهدك يا رسول الله، قال: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ " قال: لا قال: " فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم "، قال: فرجع أبي فرد عطيته.
وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " فأشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور " ثم قال: " أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء " قال: بلى، قال: " فلا إذا ". أخرجه البخاري (2586) ومسلم (1623) .
فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث أن تفضيل أحد الأولاد بهبة جور أي ظلم، وقال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم". والأولاد يشمل الذكور والإناث، وبيَّن أن العدل في الهبة سبب في أن يكونوا في بر أبيهم سواء؛ لأنه ليس في قلوبهم حقد على أبيهم بسب تفضيل بعضهم على بعض، ونص العلماء على أنه لا يجوز التفضيل لأحد الأولاد بهبة، ولو كانت بمبلغ زهيد كدرهم ونحوه.
وقول السائل إن هذا التسجيل خوفاً من حدوث مشاكل، ولم يبين ما هذه المشاكل، فإن كان يقصد أن الابن الكبير يأخذ ميراث الصغير فلا شك أن هذا قد يقع في بعض الأماكن والله المستعان، ولكن الحل ليس في تفضيل الصغير من الأولاد بهبة؛ فهذا هو الذي يسبب المشاكل، ويوغر صدور بعضهم على بعض، ولكن إذا كان يخاف وقوع مثل هذا الشيء فالحل في نظري أحد أمرين: إما أن يسجل لهم جميعاً ويسوي بينهم، ويجعل للذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث. وإما أن يعين وصيَّاً يثق به على تركته بعد موته، وهذا الوصي يقوم بقسمة التركة بينهم وتحت نظر المحكمة.
وننبه هنا إلى أن المراد (بالعطية) التبرع المحض وليس النفقة؛ فالنفقة من الأب، وعليه أن يعطي كل ولد من أولاده ما يحتاج، فلو قدرنا أن له ابناً يدرس في كلية، ويحتاج إلى كتب ومراجع، وله ابن آخر لا يدرس، فلا بأس إذا أعطى الأول ما يحتاج ولم يعطِ الثاني، وكذا لو مرض أحدهم واحتاج إلى دواء، فيعطيه دون الآخرين.
والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.