التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم-

المجيب

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة

التاريخ 20/3/1423

السؤال

هل اتباع السنة يعني تقليد النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- في كل أفعاله حتى في الأكل والملبس؟

الجواب

الأصل متابعة الأمة لنبيها -صلى الله عليه وسلم- في أفعاله وأقواله وأحواله، فقد جعل الله لها قدوة، فقال: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر" [الأحزاب:21] .

قال ابن كثير:" هذه الآية أصل كبير في التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله وأحواله" [تفسير ابن كثير 3/483] .

ثم إن أفعاله -صلى الله عليه وسلم- من سنته عند جميع العلماء، وقد أمر -صلى الله عليه وسلم- بلزوم سنته.

ولكن أفعاله -صلوات الله وسلامه عليه- عند أهل العلم أنواع من حيث دلالاتها على مشروعية ذلك الفعل للأمة، فهي على أقسام ثلاثة:

القسم الأول: ما فعله -صلى الله عليه وسلم- بمقتضى الجبلة، أي: الحاجة العادية التي طبع عليها البشر كقيامه وقعوده وأكله وشربه، وهذا الأصل فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقصد به التشريع والتعبد فهذا لا يطالب المكلف بالاقتداء به -صلى الله عليه وسلم- فيه فيقوم الإنسان ويقعد ويشرب بحسب حاجته هو لهذه الأفعال، سواء وافق فيها فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- أم لم يوافقه.

وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه إن تأسى به متأسٍ فلا بأس، وإن تركه لا رغبة عنه ولا استكباراً فلا بأس، فقد جاء عن الشافعي أنه شرب قائماً اقتداءً بفعله -صلى الله عليه وسلم- لكن ما ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- في هذه الأفعال مما هو زائد عن أصل الفعل ودل دليل على حكم له آخر فإنه يأخذ ذلك الحكم، فصفة الأكل والشرب من التسمية واستعمال اليمين والحمد عند الانتهاء وآداب المجالسة على الطعام كلها مشروعة بحسب الأدلة وجوباً أو استحباباً.

والنوم مستقبل القبلة وعلى جانبه الأيمن وقول الذكر عند النوم كلها مشروعة وهي أمر زائد عن أصل فعل النوم.

ويلحق بهذا ما فعله -صلى الله عليه وسلم- بحكم الاتفاق ولم يقصده مثل: أن ينزل بمكان ويصلي فيه لكونه نزله لا قصداً منه الصلاة والنزول فيه فإن تخصيص ذلك المكان بالصلاة لا يكون تأسياً به -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لم يقصد ذلك المكان بالعبادة.

القسم الثاني: الأفعال التي دل الدليل على أنه -صلى الله عليه وسلم- مختص بها كالجمع بين أكثر من أربع من النساء، والوصال في الصوم فإنه لا يشرع لأحدٍ أن يتأسى به -صلى الله عليه وسلم- في ذلك.

القسم الثالث: أفعاله -صلى الله عليه وسلم- التي يبين بها التشريعات المجملة كبيانه بالفعل للصلاة التي جاءت مجملة في كتاب الله، وبيانه للحج والزكاة والصوم ونحو ذلك، فهذه الأفعال تأخذ حكم ما بينته، فإن بينت واجباً فهي واجبة، وإن بينت مندوباً فهي مندوبة.

يراجع هذا الأمر الكتب التالية: [مجموع فتاوى شيخ الإسلام 1/280، 10/409، الفقيه والمتفقه 1/349 وما بعدها ط: عادل العزازي، شرح الكوكب المنير 2/178 وما بعدها، معالم أصول الفقه لمحمد بن حسين الجيزاني 131] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015