المقصود بالكمأة وحكم التداوي بها

المجيب د. محمد بن عبد الله القناص

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية

التاريخ 16/04/1426هـ

السؤال

أود أن أسألكم عن معنى هذا الحديث، وإن كان صحيحاً فكيف تتم الاستفادة منه؟ أي كيف أستطيع الحصول على مائها، يقول صلى الله عليه وسلم: (إن صح الحديث) "الكمأة من المن, وماؤها شفاء للعين". وهل توجد أحاديث أخرى تبحث في شفاء العين؟.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:

الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (5708) ، ومسلم (2049) من حديث سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْكَمْأَةُ مِنْ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ"، والكمأة نبات يكون في جوف الأرض، ينبت بعد نزول المطر وتنفلق عنه الأرض، ويشتهر باسم: الفقع، ومعنى قوله: "من المن" أي هو مما امتن الله -سبحانه وتعالى- به من غير جهد من الإنسان، حيث لا يد للإنسان في استنباته، فهو من هذه الحيثية شبيه بالمن الذي أنزله الله -سبحانه وتعالى- على بني إسرائيل، حيث كان الطل يسقط على الشجر فيجمع ويؤكل حلواً، ومعنى قوله: "ماؤها شفاء للعين" ظاهره أن ماءها يعصر ويكحل به العين بعد أن تشوى على النار.

وللعلماء أقوال أخرى، قال الحافظ ابن القيم: "وقوله صلى الله عليه وسلم في الكمأة: "وماؤها شفاء للعين" فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن ماءها يُخلط في الأدوية التي يُعالج بها العين، لا أنه يستعمل وحده، ذكره أبو عبيد.

الثاني: أنه يُستعمل بحتا بعد شيِّهَا، واستقطار مائها لأن النار تُلطِّفه وتنضجه، وتُذِيبُ فضلاته ورطوبته المؤذية وتبقي المنافع.

الثالث: أن المراد بمائها الماء الذي يحدث به من المطر، وهو أولُ قطر ينزل إلى الأرض، فتكون الإضافة إضافة اقتران، لا إضافة جزء، ذكره ابن الجوزي، وهو أبعد الوجوه وأضعفها

وقيل: إن استعمل ماؤها لتبريد ما في العين، فماؤها مجرداً شفاء، وإن كان لغير ذلك فمركب مع غيره،

وقال الغافقي: ماء الكمأة أصلح الأدوية للعين، إذا عُجِنَ به الإثمد واكُتحل به ويقوِّي أجفانها، ويزيدُ الروحَ الباصرة قوةً وحدِة، ويدفع عنها نزول النوازل " [زاد المعاد (4/365) ] .

وقد أجريت أبحاث استخدم فيها ماء الكمأة في علاج (التراكوما) مع مركبات أخرى فكانت نتائجه جيدة [ينظر: موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ص (826- 831) ، ليوسف الحجاج أحمد] ،

ولكن لا ينبغي للمريض أن يُقدم على استخدام ماء الكمأة حتى يسأل أهل الخبرة والمعرفة ليتبين هل يناسبه أم لا، لأنه ربما يكون الحديث من العام المخصوص، أي أن ماء الكمأة يصلح لبعض أمراض العيون دون الأخرى، وقد ورد في السنة الحث على الاكتحال بالإثمد، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يجلو البصر وينبت الشعر، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اكتحلوا بالْإِثْمِدِ, فإنه يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ"، أخرجه الترمذي (1757) ، وقال: حديث حسن غريب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015