المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 24/10/1426هـ
السؤال
لي خالة سيئة السمعة، ولها بنات يصحبن الأجانب، وعندها أولاد لا يهتمون لهذا الموضوع، ولدى زيارتي لمنزلهم دائماً أجد عندهم رجالاً غرباء لا أدري ما سبب زيارتهم؟ فهل تجب صلة الرحم لهذه الخالة؟ وهل في مقاطعتهم -نهائياً- شيء؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى
بهداه، وبعد:
لا خلاف بين أهل العلم في وجوب صلة الرحم في الجملة، وأن قطعها معصية لله تعالى, وقد نقل الاتفاق على وجوبها جماعة من أهل العلم، كالقاضي عياض -رحمه الله- وغيره، وقال القرطبي رحمه الله: (اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة، وأن قطيعتها محرمة) . فقد أمر الله بالإحسان إلى ذوي القربى، والمقصود بهم ذوو الرحم الذين تجب صلتهم، فقال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) . [البقرة:83] وقال تعالى: (يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [البقرة:215] . وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90] . والآيات في هذا الباب كثيرة معلومة.
كما وردت أحاديث كثيرة فيها الأمر بصلة الرحم وبيان ثواب وصلها، والنهي عن قطعها، ففي الصحيحين عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تعبد الله، ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم". صحيح البخاري (1396) ، وصحيح مسلم (13) .
وفيهما من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". صحيح البخاري (5989) ، وصحيح مسلم (2555) .
وعن أنس-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرحم شُجْنةُ متمِسكة بالعرش تكلم بلسان ذَلْق، اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني، فيقول -تبارك وتعالى-: أنا الرحمن الرحيم، وإني شققت للرحم من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن نكثها نكثته". أخرجه البزار في مسنده، وقال في مجمع الزوائد (8/150-151) . إسناده حسن.
وعن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة قاطع"؟ أي: قاطع رحم، أخرجه البخاري (5984) ، ومسلم (2556) .