طاعة الوالدين في الطلاق

المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى

أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام

التاريخ 23/2/1425هـ

السؤال

تزوجت من ابنة خالي المطلقة، وهي تكبرني بأربع سنين، رغم أني تزوجتها لدينها وليس معها من متاع الدنيا ما يطمع فيها أحد، ولكن والدي ووالدتي غضبا مني كثيراً وحرماني من رؤيتهما، ومن دخول البيت وقالا لي: (لا نسامحك على هذه الفعلة أبداً) فهل بذلك أكون آثماً وعاقاً لوالدي؟ وماذا أفعل رغم جميع محاولات الصلح بلا جدوى. أفيدوني أثابكم الله عز وجل.

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:

فالجواب: أن نقول لو كان سؤالك قبل تزوجك المرأة المذكورة لأمرناك بعدم تزوجها طاعة لوالديك، أما وقد تزوجت تلك المرأة وتزوجتها لدينها وكانت كذلك فإنه لا يلزمك طلاقها ما دام والداك لم يذكرا سبباً يعيبها في دينها أو خُلقها.

هذا، ويظهر لي من خلال سؤالك أنهما إنما طلبا طلاقها من أجل أنها غير بكر، وأنها تكبرك بأربع سنوات، وهذا ليس بعيب ولا مسوغ لفراقها، وأيضاً ليس من البر بوالديك فراقها بغير مسوغ شرعي. فإن قيل أليس قد روى أحمد (4991) ، والترمذي (1189) ، وأبو داود (5138) ، وابن ماجة (2088) عن ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني أبي أن أطلقها فأبيت فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك". قلنا قد أجاب عنه الإمام أحمد رحمه الله، فقد جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح المقدسي (ج1 ص503) ما نصه: (فصل لا تجب طاعة الوالدين بطلاق امرأته) ، فإن أمره أبوه بطلاق امرأته لم يجب، ذكره أكثر الأصحاب، قال سندي: سأل رجل أبا عبد الله فقال: إن أبي يأمرني أن أطلق امرأتي قال: لا تطلقها، قال المعلق: يعني لا تطلقها بأمره حتى يصير مثل عمر-رضي الله عنه- في تحريه الحق والعدل، وعدم اتباع هواه في مثل هذا الأمر، هذا وفي المرجع نفسه قال: الشيخ تقي الدين: فمن تأمره أمّه بطلاق امرأته قال: لا يحل أن يطلقها، بل عليه أن يبرها، وليس تطليق امرأته من برها. انتهى، وجاء في كشاف القناع للبهوتي في (ج5 ص233) ما نصه: (ولا يجب الطلاق إذا أمره به أبوه فلا تلزمه طاعته في الطلاق؛ لأنه أمره بما لا يوافق الشرع، وإن أمرته به أمه، فقال الإمام أحمد: لا يعجبني طلاقه لعموم حديث "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" رواه أبو داود (2178) ، وابن ماجة (2018) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- انتهى. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015