المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 7/4/1424هـ
السؤال
أنا رجل مسلم أبلغ من العمر أربعين عاماً من أسرة مسيحية الأصل، أحس بالإسلام في قلبي منذ أن كنت صغيراً، ولكنني لم أطبق تعاليمه إلا منذ أن دخلت امرأة مسلمة حياتي، فبدأت أصلي وأصوم وأزكي وتوقفت عن سماع الأغاني وأشياء كثيرة أخرى علمتني لها هذه المرأة جزاها الله خيراً، وأنا الآن أريد أن أتزوج بها ولكن أمي تعارض هذا الزواج بشدة؛ لأنه زواج بمسلمة وهي إلى الآن لا تعترف بي كمسلم، وإنما تقول لي: إن المسيحية هي ديني ودين أجدادي، أريد أن أعرف الآن ما حكم الإسلام في مثل هذا الموقف؟ هل رضا أمي المفروض يأتي أولاً بعد رضا الله وهي مسيحية وأنا مسلم؟ أم أن زواجي بامرأة مسلمة تعينني على ديني وتنشئ أبناءنا على الدين الإسلامي يأتي أولاً؟ خاصة أن لي ولداً من زوجتي القديمة وعمره 12 سنة، وأمي تأخذه إلى الكنيسة كل أحد، أرجو أن ترشدوني إلى الحل الصحيح الذي يجعل ربي راضياً عني، وأن تخبروني في أي الحدود من المفروض أن آخذ رضا الوالدة بما أنها من دين مختلف عن ديني، خاصة أننا نعيش سوياً؟
الجواب
طاعة الوالدين فرض افترضه الله على الأبناء، وقرنه بحقه -سبحانه- في العبادة، قال -تعالى-: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ... " [الإسراء: 23] ، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، انظر ما رواه البخاري (2654) ، ومسلم (87) من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه- ولكن هذا الحق في الطاعة إنما هو في حدود الشرع، فلا طاعة لهما فيما يخالف شرع الله، كما قال الله -جل وعلا-: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان: 15] ، ويستفاد من هذا ثبوت حق البر حتى للوالدين الكافرين مالم يعارض الشرع، وإذا تأكد لك صلاح هذه المرأة ودينها فتزوج بها، ولا عليك من مخالفة أمّك النصرانية، لأنه ليس لها حق في منعك من هذا، ولا تلزمك طاعتها في شأن يخالف دينك الإسلامي.
ومع ذلك عليك ببرها والإحسان إليها؛ لعل الله أن يشرح صدرها لدينه الذي ارتضاه لعباده.