أما إن كانت متزوجة به قبل الإسلام فإن لم يسلم زوجها أثناء عدتها فإن عقد النكاح ينفسخ وعدتها إن كانت من ذوات الأقراء - أي الحيض- ثلاثة قروء، وإن كانت لا تحيض فثلاثة أشهر على مذهب كثير من العلماء، واختار بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- أن عدتها حيضة واحدة فقط لاستبراء الرحم، وقال - رحمه الله -: (وقد تنازع العلماء في امرأة الكافر هل عليها عدة أم استبراء على قولين مشهورين ومذهب أبي حنيفة ومالك لا عدة عليها) ، ا. هـ مجموع الفتاوى (32/337) ، وهذا القول له حظ كبير من النظر لما صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: "كان المشركون على منزلتين من النبي - صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين: كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، فكان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حل لها النكاح، فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه"، الأثر رواه البخاري (5286) ، أما إن كانت حاملاً فلا تخرج من عدتها حتى تضع حملها، لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض حيضة" رواه أحمد (3/28) ، وأبو داود (2157) ، والدارمي (2295) ، والبيهقي (9/) والحاكم (2/212) ، وقال: صحيح على شرط مسلم (124) ، قال الحافظ ابن حجر إسناده حسن، التلخيص الحبير (1/171) ، وعلى كل حال فنظراً لكون المرأة قد أسلمت منذ سنة فعليها عدم تمكين زوجها قبل الإسلام منها وأن لا تخلو به بلا محرم وأن تستبرئ رحمها بحيضة واحدة، فإن طهرت فلها الزواج بمن شاءت من المسلمين، كما عليها دعوة زوجها السابق للإسلام لعل الله -تعالى - أن يهديه، فإن أسلم فله مراجعتها. والله -تعالى- أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.