المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 28/10/1426هـ
السؤال
ما حكم طلاق الخلع إن كان بالإكراه؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالإكراه ينقسم إلى قسمين:
الأول: إكراه بحق، وهو الإكراه المشروع الذي لا ظلم فيه ولا إثم، كإكراه المدين القادر على تسديد الدين الحال للدائن، فعن عمرو بن الشريد، قال: حدثني أبي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته"، رواه أحمد (4/389) ، والنسائي في الكبرى (6288) ، قال الحافظ: "إسناده حسن" [فتح الباري (5/62) ] . فعقوبته أن يسجن حتى يدفع ما عليه.
وكما في إكراه المولي على الطلاق بعد مضي أربعة أشهر على إيلائه ورفضه الفيء، قال تعالى: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهرٍ فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" [البقرة:226-227] .
الثاني: الإكراه بغير حق، كإكراه الرجل على تطليق زوجته بلا حق وبلا سبب يوجب ذلك، فهنا إن كان الإكراه ملجئاً، كالإكراه على قتله أو إتلاف عضو منه أو نحو ذلك مما يلحقه بسببه ضرر بالغ لم يقع الطلاق، عن أبي قدامة بن إبراهيم، أن رجلاً على عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تدلى يشتار عسلاً، فأقبلت امرأته فجلست على الحبل فقالت: لتطلقني ثلاثاً وإلا قطعت الحبل، فذكرها الله والإسلام فأبت إلا ذلك، فطلقها ثلاثاً ثم خرج إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فذكر ذلك له، فقال: ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق. رواه سعيد بن منصور (1/313) ، والبيهقي (7/357) .
وشروط الإكراه ثلاثة ذكرها ابن قدامة -رحمه الله تعالى- وهي:
الأول: أن يكون من قادر بسلطان أو تغلب.
الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه.
الثالث: أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً، كالقتل والضرب الشديد والقيد والحبس الطويلين، فأما الشتم والسب فليس بإكراه رواية واحدة، وكذلك أخذ المال اليسير، فأما الضرر اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به فليس بإكراه، وإن كان من ذوي المروءات على وجه يكون إخراقاً بصاحبه وغضا له وشهرة في حقه، فهو كالضرب الكثير في حق غيره، وإن توعد بتعذيب ولده فقد قيل ليس بإكراهٍ؛ لأن الضرر لاحق بغيره، والأولى أن يكون إكراهاً؛ لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله، والوعيد بذلك إكراه فكذلك هذا. أ. هـ بتصرف يسير: [المغني (7/292] . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.