المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 3/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أصحاب الفضيلة: نرجو منكم تزويدنا بالجواب عن قضية وقعت بشأن الطلاق، ولا يخفى علينا زحمة أعمالكم وكثرة الأسئلة الواردة عليكم، ولكن هذا السؤال بزعم سائله أن لا يحتمل التأخير: يقول الأخ في المرة الأولى قلت لزوجتي - بعد ما وقع شجار بيننا: اذهبي إلى بيت أمك، غير أني لا أتذكر ماذا كانت نيتي عند ذلك، لكن أمي تقول بأنها على يقين بأن ذلك كان مجرد إرسالها إلى بيتها، ولا علاقة لذلك بالطلاق، وأتذكر أني ذهبت إلى مكان دراستها، وقلت لها: إني لن أخرجك أو لن أطردك من البيت، في المرة الثانية تخاصمت معها، وأذكر أني كنت أريد طلاقها دون تردد، وفي المرة الثالثة قلت لها: الطلاق، هل تسمعين؟ الطلاق، بإعادة لفظ الطلاق مرتين، وكأن (المقصود التأكيد وليس التكرار) يقول الأخ: قبل المرة الثالثة كنت أعتقد أني قد طلقت زوجتي مرتين، لكن بعد تذكر ما مضى واستعادة ذلك في ذهني أمي وزوجتي تؤكدان لي أنني في المرة الأولى لم أطلقها، أصحاب الفضيلة: نعرف أن السؤال يشبه المهزلة أو لعب الأطفال، لكنه واقعة حال لشاب غرّ لم يعرف خطر الطلاق وما يترتب عليه، والآن قد استيقظ ضميره فهو بين الشدتين: إما أن يبقى معها لكن بدون النكاح، أو يفارقها لكن بدون وقوع الطلاق، فالرجاء إرشادنا إلى الصواب، وقد يشكل عليكم بعض الفقرات في السؤال، لكن هو أقصى ما يتذكره، فالجواب على قدر السؤال، وجزاكم الله خيراً، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالجواب: أن قوله: اذهبي إلى بيت أهلك، لا يقع به طلاق، حتى ينوي به الطلاق، وعليه فقوله هذا لا يقع به الطلاق؛ لأنه لم ينوه. هذا أولاً.
ثانياً: أنه حين تخاصم معها في المرة الثانية، وأراد طلاقها بدون أن يتلفظ بالطلاق أو ما يدل عليه، لا يقع طلاقه أيضاً، إلا إن كان قد تلفظ بالطلاق، أو ما يدل عليه مع نيته، فهذه تعتبر طلقة ما لم يوجد مانع - كما سيأتي-.
ثالثاً: أن طلاقه في المرة الثالثة لا يقع إلا واحداً؛ لأن الصحيح من أقوال أهل العلم أن الطلاق بأي عدد كان لا يقع إلا واحدة، هذا إذا نوى التأسيس والتكرار، أما إن نوى التأكيد فهي واحدة بلا إشكال، وعليه فله مراجعتها ما دامت في العدة، فإن كان قد فعل فلا إشكال، وإن لم يفعل حتى انتهت العدة، فيلزمهما أن يعقدا من جديد بمهر جديد. وهذا رابعاً.
خامساً: أن طلاقه هذا لا يقع إذا كان ثمة مانع، كأن تكون الزوجة حائضاً، أو تكون في طهر جامعها فيه، وقد اختاره شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، والشيخ محمد بن عثيمين.
سادساً: أن الطلاق بأي عدد كان، سواء كان بكلمة، كقوله: أنت طالق ثلاثاً، أو بكلمات: أنت طالق، أنت طالق ... ، لا يقع إلا واحدة، وقد قال به أيضاً ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والشيخ ابن سعدي، وتلميذه الشيخ محمد بن عثيمين - رحمهم الله جميعاً-. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد.